الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إلغاء "المادة 30" يفجر براكين الغضب بين وزارتَي "الأوقاف" و"الآثار".. والاتهامات تتناثر ما بين التهرب من الإنفاق وتحديد المسئول عن سرقة "المساجد".. ويدعوان مجلس الوزراء لفض الاشتباك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يبدو أن كلاً من وزارتى الأوقاف والآثار ستدخل في صراع محموم خلال الفترة المقبلة على "المادة 30" التي أثارت الجدل الدائر بين الوزارتين حول بقائها من عدمه، ففى الوقت الذي تحمست فيه وزارة الأوقاف لإلغاء المادة، ورفع مذكرة لرئاسة الوزراء لغلق الباب أمام الصرف من جانبها على ترميم المواقع الأثرية، وإسناد سلطة المساجد الأثرية لوزارة الآثار.

تقف الآثار حائرة ما بين مؤيد ومعارض لإلغاء "المادة 30"، وهو ما أثار حالة من الجدل بين الآثاريين.. ففى الوقت الذي رحب فيه عدد منهم بضرورة إلغاء المادة لتحديد المسئول عن سرقة المساجد، تحمس بعض الآثاريين لبقاء اللجنة لمساعدة الآثار في الصرف على ترميم المساجد مؤكدين أن تحمس الأوقاف لإلغاء المادة يمثل تهربًا صريحًا من الإنفاق على الترميم.

جمال مصطفى، مدير منطقة السلطان حسن والرفاعى تحمس لإلغاء المادة وأشاد بموقف وزارة الأوقاف بمطالبتها لـ"محلب" بتعديل المادة 30 الخاصة بإشراف وزارة الأوقاف على المساجد الأثرية ليصبح لوزارة الآثار سلطة الإشراف الكامل على المساجد الأثرية.

وأكد مصطفى، أن تعديل المادة 30 سيكون خطوة إيجابية لتصحيح الأوضاع الخاطئة التي عانت منها المساجد الأثرية نتيجة خضوعها لإشراف وزارتين تلقى كل واحدة منهما مسئولية سرقة المساجد على كل طرف.. ما يؤدى إلى ضياع الحقيقة ومن ثم عدم القدرة على تحديد المسئول عن القصور.


وأشار مدير منطقة السلطان حسن، إلى أن المهندس مرسي البحراوى رئيس الإدارة الهندسية بوزارة الأوقاف والذي قام برفع المذكرة لـ"محلب" هو عضو باللجنة الدائمة للآثار الإسلامية وسعيه لإسناد الإشراف الكامل على المساجد الأثرية لوزارة الآثار يؤكد أنه مسئول يعرف حجم إمكانيات وزارته من ناحية الترميم.

وتعليقًا على اتهام الأوقاف للآثار بأنها "تضيّع" أموالًا خيالية تطالب وزارة الأوقاف بتوفيرها لترميم المساجد، أكد "مصطفى" أن الأموال التي تقوم الآثار برصدها لا تمثل واحدًا من ألف من قيمة الأموال الخاصة بالترميم في العالم كله، وحول عدم قدرة الآثار على توفير الاعتمادات المالية للبدء في ترميم المساجد الأثرية في حال إسناد الإشراف الكامل لها علق بقوله: "المسئول غير القادر على النهوض بدخل وزارته عليه الرحيل لأن المساجد الأثرية تعانى من غياب الترميم لدرجة تجعل وزارة الآثار تقوم فقط بترميم الأجزاء الخطرة الموجودة في الترميم دون باقى الأجزاء.

واعترف "مصطفى" بغياب خبراء الترميم للبدء في ترميم المساجد الأثرية، وهو ما يجعل الوزارة تتعرض للهجوم لو أرادت استقدام خبراء من الخارج، كما اعترف مدير منطقة السلطان حسن بغياب المواد الخام المستخدمة في الترميم لغلاء أسعارها مما يؤدى إلى اللجوء إلى المواد المضروبة في السوق –على حد تعبيره– للبدء في أعمال الترميم.

وأضاف "مصطفى": علينا أن نقف يدًا واحدة كآثاريين لتغيير المادة 30 لتكون الآثار لها سلطة الإشراف الكامل على المساجد الأثرية لأن المسئولين في قطاع الآثار الإسلامية يواجهون عراقيل كثيرة بسبب الإبقاء على تلك المادة، ولا تجعلهم قادرين على تحديد مسئولية القصور في إيقاف السرقات، مؤكدًا في حال موافقة مجلس الوزراء على طلب "الأوقاف" بتعديلها ستكون الأخيرة قد قدمت خطوة رائعة لإخراج نفسها من الاتهامات التي توج لها بشأن سرقات الآثار، ما سيساعدنا على حماية المقتنيات الأثرية بالمساجد.


في سياق مواز طالب الدكتور محمد الرشيدى، خبير الترميم والمشرف الفنى على مشروع القاهرة التاريخية، إلغاء المادة 30 بالدستور، والتي تنص على "عدم إشراف الآثار على الصرف على المساجد الأثرية"، لافتا إلى أن بقاء تلك المادة يعصف بـ80% من مستقبل المساجد الأثرية ويؤدى إلى تهالكها.

وأكد الرشيدى، أن وزارة الأوقاف تسعى لمنح الآثار سلطة الإشراف الكامل على المساجد الأثرية بعد تقدمها بمذكرة بهذا الشأن إلى رئاسة الوزراء، واصفّا المادة 30 بـ"الغبية"، وأن إلغاءها سيساعد وزارة الآثار على أن يكون لها حق الإشراف الكامل على المساجد الأثرية، ويغلق الباب بقوة أمام الشماعة التي يعلق عليها كل مسئول بالآثار قصوره باتجاه سرقة المساجد.

وهاجم الرشيدى ما أذاعته وزارة الأوقاف من اتهامها لوزارة الآثار بوضع مبالغ خرافية لترميم المساجد، مؤكدّا أن الأوقاف ليس لديها خبرات كافية للترميم، وأنها تجهل التكاليف العالية للأيدى العاملة للترميم خاصة لأنها ليست عمالة عادية ولكنها تحتاج إلى خبراء، ومتخصصين وموادها الخام المستخدمة مكلفة للغاية، وهو ما يؤكد اختلاف الفكر الكبير بين الوزارتين حول نظرتها للترميم.

على جانب آخر هاجم الدكتور غريب سمبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم طلب وزارة الأوقاف بإلغاء المادة 30 من الدستور، والذي يسمح بإلزام الأوقاف بالصرف على ترميمه واصفا موقف الأوقاف بأنه "تهرب" لعدم تحملها نفقات الترميم في وقت دقيق لا يتوافر لوزارة الآثار اعتمادات مالية كافية للصرف على ترميم المساجد الأثرية، حيث توجد لدى الأوقاف صناديق النزور التي توفر لها أموالا كثيرة قادرة على تغطية نفقات ترميم المساجد الأثرية.

وهاجم سمبل بعض الآثاريين الذين يرحبون بطلب الأوقاف بحجة منح السلطة الكاملة لوزارة الآثار، مؤكدا في تصريحات خاصة أن الآثار بالفعل لديها سلطة فنية كاملة على المساجد الأثرية.

مشيرا أن تبريرات الأوقاف لإلغاء المادة بحجة أن الآثار تضع مبالغ خرافية وخيالية واهية لأن تلك المبالغ كانت توضع سابقا قبل الثورة، ولكن حاليا هناك رقابة من قطاع المشروعات على الميزانية التي تحددها الآثار لتمويل المشروعات ضاربا المثل بمسجد "العباسي" الذي دفعت فيه الأوقاف 250 ألف جنيه فقط في وقت كان يتكلف مليونا و300 ألف جنيه.

وأيد نفس الرأى السابق الدكتور أحمد الزيات عضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، مؤكدا أن سعى الأوقاف لإلغاء المادة 30 هو تنصل صريح بوابجها تجاه الأثر الإسلامى الذي يخضع تحت إشرافها لافتا إلى مخالفة ذلك للقانون لأن القانون ألزم الأوقاف بالصرف على مناطق الوقف لأنها تستفيد من دخل تلك الأراضى التي توجد عليها الآثار الإسلامية.