السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أزمة "آمون" تفتح ملف مشكلات مفتشي الآثار.. سعيد: التقصير بلغ 90% والتأمين ليس مسئوليتنا.. عبد الحليم: 10 % يقومون بواجبهم.. ونحتاج لشخصية مثالية للحفاظ على تاريخ الأمة

أزمة آمون تفتح ملف
أزمة "آمون" تفتح ملف مشكلات مفتشو الآثار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أثارت أزمة ذقن توت عنخ آمون حالة من الجدل مؤخرا، فلم تكن مشكلة لصق توت عنخ آمون وزيادة مادة "الأيبوكسي" هي الأولى من نوعها، ولم يكن ترميم هرم سقارة أيضا الأول، ولكن هناك العديد من المشاكل التي تواجه الآثار المصرية، ليست وليدة اللحظة الآنية لكنها استمرت على مدى 30 عاما، ما جعل يد الإهمال تمتد إلى كل أثر مصري حتى أصبحت تركتنا الأثرية محاطة بالإهمال والمياه الجوفية بحجة قلة الموارد، وهذا ما دفعنا للحديث عن دور "المفتش الأثري" للوقوف على حقيقة تلك المشاكل التي ألمت بالآثار والسياحة المصرية، وتبقي الأسئلة مشروعة.. هل المفتش الأثري يقوم بدوره المنوط به ؟، ومن المسئول عن حجم الكوارث التي تلاحق الآثار المصرية ؟، وإلي متي تظل الحكومة نائمة في سباتها العميق.

"البوابة نيوز" اقتربت من عالم "مفتشي الآثار" ربما تجد اجابات شافية

في البداية يري د. لؤي محمود سعيد، استاذ الآثار بجامعة السادات، أن أي مهنة تحتاج إلى خبرات واعداد وامكانيات معينة حتى يؤدي صاحبها عمله على أكمل وجه، مؤكدا أن مهنة المفتش تحتاج إلى مواصفات عديدة، منها أن يكون المفتش على درجة علمية عالية في مجال تخصصه، سواء كان آثار إسلامية أو قبطية، وأن يكون هناك سلطات وصلاحيات تخول له اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة وجود تعديات، حتى يستطيع حماية المنطقة التي يعمل بها، وأن يطالب بوجود تأمين جيد للمواقع الأثرية التي يعمل بها.


ويؤكد الخبير الآثري، أن الأدوات المساعدة لمفتش الآثار غير متوفرة، فضلا عن أن نسبة القصور بلغت 90 %، بسبب أنه مكبل اليدين لعدم وجود التأمين الجيد على الأثر والموارد المالية المحدودة، معربا عن أسفه قائلا: إن أول شخص يتعرض للمحاسبة والسجن و"يلبس في الحيط" هو مفتش الآثار.

واستطرد لؤي، أن المنطقة الأثرية التي كان يشرف عليها كان بها مخزن آثار في عهدته والمفترض أن يتواجد بالمكان شرطة تأمنه، لكن هذا لا يحدث على الإطلاق، والغريب أنه عندما يتعرض المخزن للسرقة أول من يحاسب هو المفتش، رغم أنه ليس من مهام عمله تأمين المنطقة، فليس في الاستطاعة تأمين المنطقة أو العمل على مدى الـ24 ساعة، لافتا إلى أن مناطق الآثار شاسعة ومنتشرة في كل أنحاء الجمهورية، ومع ذلك لم يتم توفير عربة لمرور المفتش أو حتى موتوسيكل ليمارس مهام عمله، والحجة قلة الموارد.

بينما يستعرض محمد زين، مفتش أثري ونائب مدير منطقة مجمع الأديان، قائلا: دورنا كمفتشي آثار هو الحفاظ على الأثر من أي تعدي، حيث نعتبر الأثر بمثابة "أبويا" إذا تعرض لشيء أذهب به للدكتور "المرمم ــ المهندس"، فمن طبيعة عملنا المرور على جميع الآثار داخل النطاق الإقليمي للمنطقة التي نمر بها، ويشترك معنا في هذا قطاع المشروعات التابع لوزارة الآثار، كما نقوم بتحرير محاضر لمن يتعدى على الأثر وفقا للضبطية القضائية، إضافة إلى إصدار قرارات الإزالة لحالات التعدي على المناطق الأثرية والزحف العمراني، وتسجيل كل الآثار الموجودة بالمخازن والتي يتم نقلها، والتوعية بأهمية الأثر للمغتربين وللمصريين أيضا الذين يهتمون بزيارة الآثار، مشيرا إلى أنه من أكثر المعوقات التي تواجهنا هي الزحف العمراني للآثار الموجودة داخل المنطقة، وقمنا بتحرير الكثير من المحاضر لكن لم يستجب أحد لنا، لأن دورنا كمفتشي آثار هو إصدار قرار الإزالة لكن التنفيذ ليس من سلطتنا وكذلك التأمين، وهنا يأتي دور الشرطة، لافتا إلى أنه بعد ثورة 25 يناير واجهتهم الكثير من التحديات والمعوقات أبرزها الموارد المالية وضعف الرواتب، ولم ينكر زين أن هناك أخطاء، لكنها أخطاء فردية ليس كل المفتشين مسئولين عنها، ولا يعقل أن أحاسب عن ذنب ارتكبه غيري، نحن بالجهود الذاتية نقوم بتوفير الأوراق التي نكتب عليها، لافتا إلى أنه طبقا للمادة 30 من قانون حماية الآثار، فالمساجد تعرض على الأوقاف والكنائس في حالة الترميم تعرض على الكاتدرائية، أما نحن فدورنا الإشراف، أما بالنسبة للمشاكل التي تواجه ذقن توت عنخ آمون وهرم سقارة فليس لنا علاقة بها، فهي مشكلة المرممين.


وبدورها تقول حسنية محمد، مدير عام أثار منطقة مصر القديمة بـ"مجمع الأديان"، باعتباري مسئوله عن العمل في هذه المنطقة، بناء على التقارير التي يقدمها المفتش أقوم بعرض الأمر على اللجان المختصة، ثم يتم تحويلها إلى رئيس القطاع، مؤكدة وجود الكثير من التحديات التي تواجههم، منها التعديات على الأثر والزحف العمراني على المناطق الأثرية، فهناك مئات المكاتبات والجوابات التي أرسلناها لمنع هذه التعديات، لكن حتى الآن "المحافظة" لم تهتم بالأمر.

ومن جانبه، عرف د.عبد الحليم نور الدين، عميد كلية الآثار الأسبق، المفتش الأثري على أنه من تخرج من كلية الآثار القبطية أو الإسلامية، وبعد عامين من تخرجه مارس عمله عن طريق التعاقد، وبعد سنتين تم تعينه، من بعدها يبدأ عمله أولا مساعد مفتش ثم مفتشا ثم كبير مفتشي آثار ثم مدير منطقة فـرئيس إدارة إلى أن يصبح رئيس قطاع، وهذا هو التدرج الوظيفي له.


أما بالنسبة لطبيعة عمله فهو يشارك في الإشراف على الحفائر الأثرية، والمرور على المناطق الأثرية التابعة له وتأمينها، كما لابد أن يحصل على قسطا كبيرا من التدريب، ويشارك في الندوات وكتابة التقارير الأثرية، من حيث حالة الأثر وتوصيفه توصيفا كاملا، يضيف أيضا عليه مرافقة البعثات الخارجية والتأكد من سلامة قيامها بالعمل تجاه الآثار المصرية، والمشاركة في المعارض العالمية، وهذا يتطلب اجادة اللغات المختلفة.

ويلفت د. نور الدين النظر إلى أنه لابد أن يكون مؤمنا بأهمية هذا التراث، وهذا بالطبع يختلف من شخص للأخر، فهناك من تنشأ بينه وبين الآثار علاقة محبة، وأخر يتخذها كوظيفة، فهناك 10% فقط يقومون بدورهم على أكمل وجه.

وعن المشكلات الكثيرة التي تواجه الآثار والعمل الأثري، أكد نورالدين، أن هذا يرجع إلى غياب الأمن والخلافات الكثيرة التي تنشأ بين العاملين في هذا المجال، منوها إلى وجود تراخي شديد في حماية الآثار خصوصا من قبل الشرطة وشرطة السياحة أيضا، ليس هناك تنسيق بين عمل الآثار والمحليات ما تسبب في وجود خلل كبيرا في هذه المنظومة، مختتما بقوله: نحن نحتاج إلى شخصية قريبة من المثالية لحماية الآثار، لأنها هي ذاكرة الأمة ولو ضاعت على مصر السلامة.