الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فى الذكرى الرابعة للثورة المصرية .. التحرر من الخوف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حلت الذكرى الرابعة للثورة المصرية العظيمة فى الخامس والعشرين من يناير عام 2015، وكان الإخوان المسلمون يقفون لهذه الذكرى بالمرصاد، حيث نشروا العبوات الناسفة فى عديد من الأماكن والمواقع وخرجت مظاهراتهم المحدودة لتعيث فى الأرض فساداً وتؤجج نار العنف والقتل، والسبب لا يخفى على أحد فهو يتمثل فى تلطيخ سمعة نظام ما بعد الموجة الثانية للثورة وتأكيد حضور الإخوان فى المشهد وذلك بصرف النظر عن جدوى وفاعلية هذا الحضور، فهذا الحضور هو والغياب سواء بسواء، فهو لم يفعل إلا أن عمق السخط على ممارسات الإخوان الإرهابية وعزز العداء لهم بين أوساط المواطنين.
وبالرغم من محاولة الإخوان حجب الاحتفال بذكرى الثورة وتحويل هذا الاحتفال إلى مشهد دموى ومدمر، إلا أن ذلك لا ينبغى أن يحول دون تذكر مسار الثورة ودون تقييم لهذا المسار والنتائج التى انتهى إليها عبر السنوات الأربع التى أنقضت على قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011.
ولن يكون فى مقدورنا هنا التعرض لكافة النتائج التى انتهت إليها الثورة أو كافة أشكال الحراك الاجتماعى والسياسى الذى كشفت عنه فى مسارها، ولكننا سنخص بالذكرى إحدى أهم نتائج هذه الثورة العظيمة ألا وهى النتيجة التى تتعلق بتحرير المواطن من الخوف من السلطة والنظام.
ذلك أن ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 هى بلا شك ثورة المواطن والمواطنة، أى الثورة التى أعادت إلى المواطن المصرى حضوره فى المشهد وفى الشأن العام الذى يخص حياته ومستقبله وحياة أبنائه وأسرته من بعده، ذلك المواطن الذى لا ينتمى إلى الأحزاب أو التنظيمات السياسية والإيديولوجية ولكنه يحمل فى أعماقه قيمة الانتماء والهم العام وذلك لا يعنى إغفال أولئك المواطنون الذين ينتمون إلى هذه الأحزاب وتلك التنظيمات أو تجاهل مشاركتهم فى الثورة.
وإذا صح تسمية الثورة بأحد إنجازاتها أو اختزال هذه الإنجازات مجتمعة فى إنجاز واحد، فإنه يمكن وبلا شك تسمية هذه الثورة "بثورة المواطن" الذى استعاد حضوره فى الشأن العام بعد غياب طويل لعقود عدة واجتاز فى طريق تحرره أهم خطوة لها ما بعدها وهى تحرره من الخوف من بطش السلطة وقمعها.
وهذا التحرر له أوجه ودلالات كثيرة أولها أن هذا التحرر من الخوف يعنى إدراك المواطن أن مصيره لن يصنعه الآخرون بل يصنعه هو عبر اتحاده وتضامنه مع أقرانه من المواطنين ويعنى أيضاً أنه تخلص من تلك السلطة الأبوية التى كانت تحدد مصيره وشروط حياته وفقاً للوصاية التى تفرضها على المواطنين وبمقتضاها تدرك هذه السلطة ما يريده المواطن بل وتعرف ذلك أفضل من المواطن نفسه الذى تفترض فيه أنه لا يعرف ما يريد.
هذا التحرر من الخوف يعنى أيضاً إدراك المواطن أن مصيره وشروط حياته ليست قدراً منزلاً، وليست معطى أبديا وجينيا يرتبط بوجوده وتكوينه، بل إن هذا المصير وتلك الشروط هى معطى اجتماعى وسياسى متغير ويمكن تغييره ويتميز بالقابلية للتغيير عندما يتوفر الوعى بذلك وعندما تتوفر الإرادة الجماعية لتغييره فحياة المواطن وشروطها تتحدد وفق تركيبة اجتماعية واقتصادية وسياسية تصيغها وتفرضها سلطة معينة وتغيير هذه الشروط يرتبط بتغيير هذه السلطة والوقوف فى وجهها بل وإسقاطها.
هذا التحرر من الخوف يعنى كذلك أن استمرار الفساد والاستبداد لا يتم إلا عبر تكريس هذا الخوف وتحويله إلى واقع فى نفوس المواطنين يستحيل تجاوزه وبما أن ذلك كذلك، فإن التحرر من الخوف هو الخطوة الأولى فى طريق القضاء على الاستبداد والفساد وهو حجر الزاوية فى إقامة نظام جديد ديموقراطى ويتمتع بالشفافية والعدل ويحمى حقوق المواطن والمواطنة ويستوى فى ظله أمام القانون الضعفاء من المواطنين وكذلك الأقوياء منهم.
إن هذه النتيجة التى أفضت إليها ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 هى أخطر وأهم ما تمخض عنها من نتائج ولو لم تنجز الثورة سوى تحرير المواطن من الخوف لكفاها ذلك فخراً، فهذه النتيجة ستتكفل بتحقيق أهداف الثورة فى المدى المتوسط والطويل.