رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الذكرى الرابعة لـ25 يناير حولّت شوارع المطرية لساحة حرب.. أهالي الحي الشعبي لـ"البوابة نيوز": اتخنقنا من قنابل الغاز.. أطفالنا مرعوبون من أصوات الرصاص وانقطاع الكهرباء أصبح طقسًا يوميًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الترقب يسود الوجوه.. والقلق يطل من العيون، شوارع توقفت فيها الحياة وتحولت إلى ساحة حرب كر وفر طلقات رصاص وأصوات إعاثة، على أعتاب البيوت تقف السيدات يحملن أطفالهن الذين ينظرون إلى مستقبل مملوء بضباب الدخان والغاز المسيل للدموع.. حيث بلغت الاشتباكات في منطقة المطرية منتهاها وأعادت للأذهان ذكرى ثورة 25 يناير واشتباكات "جمعة الغضب" التي راح ضحيتها عشرات الشهداء من أبناء الحي الشعبي.

في قلب ميدان المطرية.. لا صوت يعلو فوق صوت "سرينة" مدرعات الشرطة وأبواق الإنذار التي تطلقها عربات الإسعاف وانقطاع الكهرباء عن المنطقة بدءا من الساعة التاسعة مساء، أصبح طقسا يوميا وسط ضجيج الاشتباكات تعلو أصوات طلقات الرصاص ليسكن بعضها في واجهات المحال الممتدة بطول شارع "الحرية" في المطرية، لتتحول ليل أهالي المطرية لجزء من فيلم رعب.. يسيطر عليه العنف والمواجهة.

 


 

أهالي المطرية: لا نعرف من أين جاء هؤلاء المتظاهرون؟

"فيه حاجة هتحصل النهارده" عبارة يرددها سكان "المطرية" بصوت مرتجف، يؤكد ذلك كلام ماجدة محمد، ربة منزل: "قالوا لنا هاتوا خزين البيت عشان مش هنعرف ننزل في الأيام الجاية، منهم لله اللي وقفوا حالنا"، هكذا قالت ماجدة محمد ربة المنزل، والتي أوضحت انها لا تخاف من النزول ولكن ما تسمعه عن القتل والضرب هو ما يقلقها.

"والله انا مااعرفش مين دول وايه اللي جابهم هنا، بسالهم انتوا منين ردوا اللي من الجمالية والسيدة وحتت بعيدة"، محمد صاحب محل موبايلات في شارع " السيد زايد" المتفرع من شارع الحرية، والذي أوضح أنه لا يعلم حجم البلاء الذي اصاب حي المطرية المسالم، " مش هنسمح للإخوان أو الداخلية انهم يعملونا زي كرداسة أو أي منطقة تانية".


 

الاسرة في المطرية.. مفيش نزول من المظاهرات حتى تنتهي الاشتباكات

تعيش الأسرة التي تحولت حياتها إلى جحيم، بسبب الاشتباكات بين الأمن والإخوان، والتي تتجدد كل يوم عدة مرات ولم تتوقف منذ حلول الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.

"مش عارفين نعيش" هكذا بدأت الأم كلامها، وهي تصف حالة الرعب التي يعيشون فيها تحت وطأة تلك الاشتباكات الدامية، وتضيف "احنا مش عارفين مين اللي بيضرب، بس حرام الشباب اللي بيموتو دول، المستشفى قدامنا وبنشوف الناس وهي نازلة ميتة من الإسعاف".

"المتظاهرين بيبقى معاهم خرطوش وشماريخ، والأمن بيضرب بالغاز والخرطوش والرصاص الحي" يقول أسامة الذي يعمل هو وإخوته في محل جزارة يملكه والدهم، كنت شاهد عيان على إصابة العديد واحيانا موتهم أيضا، بعد أن اصبح مدخل عمارتنا مستشفى ميداني صغير مستعينين بالصيدلية الملاصقة لهم في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ويكمل أسامة كلامه "المظاهرات بيبقى فيها إخوان وفلول حزب وطني وبلطجية، واللي بيعملو المظاهرات دى مش من المطرية، انا كنت بسألهم بلاقيهم مش من هنا".

تعود الأم لتتحدث مجددا "النور بيقطع علينا من الساعة 9، من منطقة السوق لحد منطقة التعاون" تصمت قليلا وتكمل "البلطجية بيسرقو المحال، وأي حد ماشي في الشارع بالليل بيتثبت وبيستغلو قطع الكهرباء".

جلست فاتن في المرحلة الإعدادية بجوار أمها تتحدث "بخاف اجي جنب الشباك وبقعد في الأوضة أنا واخويا الصغير عشان خايفة من الصوت".

وبسبب حدة الاشتباكات هربت أسرة مسيحية كانت تعيش في نفس العمارة، من يوم 25 يناير ولم تعود حتى الآن، تكلمت الابنة التي تحمل في بطنها طفلا ويظهر عليها الإعياء والتعب "المسيحيين اللي تحتنا دخلتلهم قنبلة غاز جوا البيت، طلعناهم عندنا وهما بيتنفسو بالعافية، ومشيو بعدها ومجوش تاني".

 


 

صاحب محل محطم: احنا الضحية وببات في الشارع عشان احمي أكل عيشي

آثار الزجاج المهشم في مدخل المحل، الأرفف خالية من البضاعة الا قليل منها، قطع خشب تسد فتحة مكان الباب، آثار الرصاص في اللافتة، صاحب المحل وابنه يقفون بجواره، يتساءل في نفسه لعله خلط بين الشوارع وذهب لمكان آخر، أم أنه يحلم ولم يستيقظ بعد، ينظر اليه بحزن وأسى بعدما تحطم من جراء الاشتباكات، وسرق البلطجية معظم ما طالته أيديهم من بضاعته.

الحاج صلاح، أغلق المحل الذي يقع في شارع حسن عاشور المتفرع من شارع الحرية، لم يفتح متجره خوفا من الاشتباكات التي اندلعت يوم 25 يناير، وذهب اليه بعد انتهاءها ليجد مصدر رزقه الذي يبيع فيه أدوات "السبوع" والحلويات وقد أمسى مجموعة من الحطام، خاليا تقريبا من كل ما فيه، "بنفضل نحرس المحل أنا وابني 24 ساعة عشان ميتسرقش لأنه بقي مفتوح على البحري، هنعمل ايه يعنى" هكذا قال الحاج صلاح بلهجة تهكمية "احنا الضحية واصحاب المحال اكتر ناس بتتضر من الاشتباكات دى"

يقول ابنه أشرف الذي يعمل مع والده "سمعنا صوت الضرب والاشتباكات طول اليوم بس متوقعناش أن المحل يتكسر ويتسرق".


 

الطفل كريم: بنزل انا وصحابي المظاهرات وبنتجمع من الفيس بوك

يعرف مخابئ ومداخل "المطرية" يحفظها كاسمه، فهو دليل جيد لمن لا يعرف المنطقة، رغم كونه من سكان "عين شمس"، إلا إن معالم المكان مرتبطة لديه بذكريات قديمة، "كريم" صبى دون الخامسة عشر قرر أن يدخل عالم "المظاهرات"، "من ساعة ما شفت ابن خالتي ميت والدم مغرقه وانا قلت مش هسيب حقه"، ذكري منذ عامين جعلته لا يترك أي مسيرة أو مظاهرة، فعقليته أصبحت أكبر من سنه.

حبس ثلاث مرات، لا يتذكر مطالب أي مظاهرة حبس بسببها في الثلاث مرات، " انا كنت بنزل برضه ضد مرسي واخر مرة خدت 45يوم في قسم عين شمس واتجددلي زيهم مرتين لغاية ماطلعوني"، تجربة ليست بالهينة ولكنه يرويها ببساطة وبراءة طفولية.

"كريم" لديه اخت أخرى صغيرة، وامه ربة منزل، وابيه يعمل سائق تاكسي لا يملكه، احيانا يتعطل ويعمل عشرة ايام ويجلس في البيت مثلهم، وهذا ما جعل رب الأسرة يبعد ابنه الوحيد عن التعليم، فضيق الحال ونفقات الدروس الخصوصية جعلوه يتنحى عن تلك الفكرة، "انا حاولت اتعلم بس منين".

"البلوفر" الذي يرتديه ممزق اثر اشتباك مع أحد أفراد الأمن، الذي صمم أن يسلمه للأمن كأحد عناصر "الشغب" بالمطرية، ينفي كريم ذلك الاتهام قائلا "انا بنزل انا وصحابي وبنتجمع من الفيس بوك وننزل نتجمع عند المسلة أو ميدان المطرية وبنتظاهر والأمن هو اللي بيضطرنا ساعات اننا نبقي مشاغبين لما بيرمي علينا غاز مسيل للدموع".