الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالصور.. "لقاء الخولي" أول وأصغر أسطى ميكانيكى أنثى.. قهرت عادات وتقاليد الصعيد بـ "مفك عادة".. وتؤكد: دخلت الكار لأعوض والدي عن الابن الذكر.. والزبائن يطلقون علىّ "المخترع الصغير"

لقاء الخولي أول وأصغر
"لقاء الخولي" أول وأصغر أسطى ميكانيكى أنثى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقاء الخولي، أول وأصغر ميكانيكي أنثى في مصر والصعيد، لم تكمل عامها العشرين، صنعت عالمها الخاص رغم التحديات والعادات القبلية والموروثات البالية التي لا تعدو كونها محاولة لتثبيط الهمم لبنات حواء، أخذت حلمها على كتفيها وانطلقت مسرعة دون أن يوقفها عاتب أو يثنيها حاقد، وتنازلت عن نعومة يدها واللعب بالدمى وفضلت أن ترافق أبيها وتتحمل معه مشقة الحياة يدًا بيد وذراع بذراع، تحلم بما لم يخطر على بال الكثيرات من بنات جنسها، فهي لا تحمل في حقيبتها طلاء أظافر ولا قلم روج وإنما تحمل مفك عادة وآخر صليبة للطوارئ، لا يشغلها الراتب بقدر ما يشغلها فك شفرات ذلك العالم الغريب الذي أدمنته منذ نعومة أظفارها "عالم السيارات"، التقتها "البوابة نيوز" ودخلت عالمها لتقدم نموذجا مشرفا للفتاة المصرية. 
لقاء مصطفى الخولي، أو كما تلقب بين أسرتها بـ "كوكي"، تبلغ من العمر 18 عاما، بنت الصعيد الحالمة التي اختارت أن تقضي على فكرة "الولد" باختراقها مهنة من أصعب المهن على الذكور أنفسهم، ولكن تعلقها بأبيها وبمهنته "الميكانيكا" جعلتها لا ترى أمامها سوى حلم واحد أن تصبح الذراع الأيمن للأب المسن الذي لم يحظى بالولد.
"نحن أسرة مكونة من 5 أفراد، 3 بنات إلى جانب الأم والأب، الأخت الأولى حاصلة على ليسانس آداب والثانية لا زالت تدرس بكلية التجارة وأنا حصلت على دبلوم تجارة، هكذا بدأت لقاء كلامها إلينا، وتابعت تقول "شيء ما كان يراودني منذ نعومة أظفاري في السابعة من عمري، حينما كنت أرافق أبي إلى ورشة الميكانيكية، شيء ما كان يجعلني أفكر طويلا، كيف يتعامل أبي مع ذلك المخلوق الصامت، كيف يستطيع أن يداويه ويعيده لحالته الصحية، لذا كنت أفضل الذهاب معه على أن أخرج في نزهة أخرى.
وأضافت بنت الصعيد الحالمة " ورشة أبي كانت بمثابة مملكة من الأسرار وحلم لا يتوقف، وأتذكر أن سعادتي لم تكن تقدر بثمن بعد انتهائي من إصلاح عطل ما في سيارة ما وأرى وجه أبي يتهلل بالفرح والفخر والرضا عن أدائي، وهو ما كان يحفزني لبذل المزيد من الجهد والتعب حتى أريح والدي الذي كنت أستنشق رضاه بديلا عن الهواء "كما وصفت لقاء".
يبدأ يوم "لقاء" مع زقزقة العصافير للسعي على رزقها، تؤدي الفريضة، تخلع عنها زى الأنوثة وترتدي ثياب الجدعنة فتبدل ثيابها الناعمة وترتدي ثوبها المخصص للشقاء الحلو "تي شيرت وبنطلون وكاب يعلو الحجاب" ثم تنطلق يدها لتنعم بدفء يد أبيها مرددين دعائهم لله بجلب الرزق الحلال وتجنب الحرام مع الاستماع لنصيحة الأب الهادئة، سمي الله كل ما تصعب في إيدك مشكلة" إلى أن تنتهي رحلتها اليومية مع الثانية عشر بعد منتصف الليل.

وأشارت الميكانيكي الصغير إلى أنها تتنازل عن راتبها لوالدها وتصر ألا تتقاضي "أجر يومي" مفضلة أن تحظى بمصروفها اليومي الذي اعتادت عليه، فهي لم تعمل من أجل المال وإنما عملت من أجل حب المهنة وعشقها لوالدها، هكذا أخبرتنا.
وأعربت "لقاء" عن سعادتها الغامرة كون الزبائن تأتي لورشة والدها وتطلبها بالاسم دونا عن باقي "الأسطوات" نظرا لإتقانها الصنعة. 
السيارة روح تمرض كما يمرض البشر وتئن كما نئن وتحتاج لعناية واهتمام لذا أتعامل برفق وكأنها طفل مريض يطلب مني أن أعافيه والله وهبني هذه الخاصية " هكذا وصفت لقاء كيف تتعامل مع أي سيارة تقوم بصياتنها.
وعن المشاكل والمعوقات التي واجهت "الخولي خلال رحلتها مع عالم السيارات، قالت: أكثر ما أحزنني ولا زلت أذكره هو أنني لم أحظ بالدخول لمدرسة تعليم صناعي، قسم ميكانيكا كي أثقل الهواية بالدراسة ولكن فوجئت بأن مدارس التعليم الصناعي الخاصة بالبنات في البلدة لا يوجد بها قسم ميكانيكا، فقط كانت الخيارات منحصرة في أقسام التريكو والأعمال المنزلية.
وأوضحت "كوكي" أنها "على المستوى العام، تحلم بأن يكون لها في المستقبل القريب مركز تدريب عملي في فن الميكانيكا وأن يكون على أعلي مستوى وتتولي فيه تدريب الجنسين من الشباب وأن لا تكون هذه المهنة وقفا على الذكور فقط، أما على المستوى الخاص فتتمني أن تتزوج بشاب يتفهم طبيعة عملها."
سألناها عما إذا كانت ستتغير وجهة نظر "أسطي" لقاء وتطالب بناتها في المستقبل بالبعد عن الميكانيكا أم ستجبرهن على نفس المهنة فأجابت قائلة: "دوري مع بناتي في المستقبل هو النصيحة فقط أما القرار فمتروك لهن."
أما ما يخص المعاكسات والتي تعترض بنات جيلها فأكدت "الخولي" أن وجود والدها بجوارها يقيها الكثير من المشكلات إلى جانب حب واحترام الجميع.
وعن نظرة المجتمع فقد صرحت أنها تغيرت تماما وأصبح الجميع يعاملونها على أنها "المخترعة الصغيرة" خاصة وأنها تتعامل مع الجميع بجدعنة وانضباط كي تثبت أنها ليست "صيد سهل."