السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي يكتب.. الطريق إلى 25 يناير "الحلقة الثامنة عشرة".. الإخوان تبحث عن مكان لها داخل الثورة

الدكتور عبد الرحيم
الدكتور عبد الرحيم علي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
* الجماعة دبرت "موقعة الجمل" ودخلت فى مفاوضات مع النظام حول مكاسب على حساب الثوار
* مبارك اتخذ قرارات مهمة لإصلاح "الوطني" معترفًا بوجود أزمة.. ومجلس الشعب طالب أعضاءه المطعون عليهم بالاستقالة
* "الجزيرة" القطرية و"المنارة" اللبنانية و"العالم" الإيرانية أشعلوا الفتنة داخل مصر.. وأوباما دخل على الخط لتحقيق مكاسب لبلاده


بعد حالة التعاطف الشعبى مع خطاب الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، يوم الثانى من فبراير عام 2011، الذى ألمح خلاله إلى إصراره على عدم ترك البلاد خلال تلك الأزمة، حدثت مواجهات واحتكاكات بين المتظاهرين المؤيدين للقيادة السياسية من جهة، والمطالبين بإسقاط النظام بميدان التحرير، الذى احتشدت به جموع غفيرة من المواطنين، من جهة أخرى.
واخترقت مسيرة من العاملين فى مجال السياحة، يمتطون الخيول والجمال، أطراف الميدان فى طريقها من شارع الهرم إلى وسط البلد، وسرعان ما سحب مؤخرتها عدد من قادة وشباب جماعة الإخوان إلى قلب الميدان، لتصوير الأمر باعتباره اعتداءً من تلك المسيرة على المتظاهرين بالميدان، فى محاولة لامتصاص التعاطف الذى حظى به خطاب الرئيس الأسبق، ما أدى إلى وقوع اشتباكات وتراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف وإطلاق الأعيرة النارية من جانب بعض العناصر الإخوانية التى اعتلت بعض العقارات بالميدان، ونشوب العديد من الحرائق فيما عُرف باسم «موقعة الجمل»، والتى أسفرت عن وفاة (11) شخصًا وإصابة أكثر من (900)، ما ترتب عليه إصرار المتظاهرين على عدم مغادرة الميدان وتزايد عددهم وتصعيد الضغط على الرأى العام العالمى لاستنكار موقف الدولة تجاه ذلك.

وأصدرت بعض القوى والتيارات السياسية، بيانًا، أعلنت خلاله رفضها لما ورد بخطاب الرئيس الأسبق، مشككة فى مصداقيته، وقامت بتوجيه الدعوة للمواطنين باستمرار التواجد بميدان التحرير حتى يوم الجمعة الموافق 4 فبراير لتنظيم اعتصام مفتوح بمشاركة الملايين من المتظاهرين تحت مسمى «جمعة الرحيل»، فى الوقت الذى دعا فيه الحزب الوطنى وبعض المواطنين إلى تنظيم تظاهرات مماثلة فى عدد من المواقع، خلال نفس اليوم، تحت مسمى «جمعة الوفاء»؛ لتأييد القيادة السياسية ودعم الاستقرار، بعيدًا عن مواقع التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.
بينما أصدر المحامى طلعت السادات، عضو مجلس الشعب السابق، بيانًا، تضمن مطالبة الرئيس الأسبق بالتنحى، وتولى القوات المسلحة مقاليد الأمور بالبلاد، واضطلاعها باتخاذ بعض الإجراءات بصورة سريعة تتضمن «إعادة تشكيل الحكومة - تعطيل البرلمان - اعتقال بعض القيادات السياسية والأمنية لحين محاكمتهم - إقالة جميع قيادات جهاز الشرطة - الإعلان عن تخفيض ميزانية وزارة الداخلية وتسريح جنود الأمن المركزى - تعديل بعض مواد الدستور - إعادة العمل بجهاز المدعى العام الاشتراكى عقب تعديل مسماه ليكون المدعى العام السياسى، وتكون مهمته محاسبة رئيس الجمهورية والوزراء وأعضاء مجلسى الشعب والشورى - إلغاء حالة الطوارئ وإصدار عفو عام عن جميع المعتقلين».
فيما أصدر الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، بيانًا، تحت عنوان «بيان من الإخوان المسلمين بشأن الانتفاضة المباركة المستمرة للشعب المصرى»، تضمن الإشادة بالتظاهرات المناهضة لمبارك، وتأكيد أنها تثبت عدم شرعية النظام الذى يتحمل المسئولية عن الفساد وتزوير الانتخابات، وتدهور الأوضاع فى جميع مرافق الدولة، والإعراب عن رفض الجماعة للحوار، بدعوى سعى النظام للالتفاف على مطالب الجماهير، ودعوة المتظاهرين بميدان التحرير للثبات على موقفهم، وتنظيم تظاهرات مماثلة بأعداد تصل إلى الملايين.

وقامت بعض القنوات الفضائية مثل «الجزيرة القطرية، المنارة التابعة لحزب الله اللبنانى، والعالم الإيرانية»، بشن حملة إعلامية على مصر، ما دفع وزير الإعلام الأسبق، أنس الفقى، إلى إصدار قرار بغلق مكتب الجزيرة بالبلاد، فى الوقت الذى واصلت فيه قناة «العالم» تناولها الموجه للأحداث، وربطها بالثورة الإيرانية التى قامت عام 1979، وتشبيه الرئيس الأسبق مبارك، بشاه إيران السابق، الذى استعان ببعض عناصر البلطجة لحماية نظامه من السقوط، فضلًا عن تحريض الشعب المصرى على مواصلة ثورته والإصرار على رحيل الرئيس، رغم تعهداته التى جاءت بالخطاب الأخير، واصفة تلك الأحداث بـ«انتفاضة مصر وبركان الغضب».

زويل يدخل على خط الأحداث

وصل العالم المصرى أحمد زويل إلى البلاد مساء يوم 2 فبراير، قادمًا من دبى، حيث عقد عدة لقاءات مع كل من «نائب الرئيس الأسبق، وزير الدفاع، شيخ الأزهر»، لبحث سبل الخروج من الأزمة.
كما عقد رئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، مؤتمرًا صحفيًا بتاريخ 3 فبراير، أبدى خلاله اعتذاره عن الأحداث التى شهدها ميدان التحرير فى اليوم السابق على تصريحاته، مؤكدًا اعتزامه محاسبة المتسببين، فيما عقد السيد عمر سليمان اجتماعًا بتاريخ 3 فبراير بمقر مجلس الوزراء مع رؤساء وقيادات عدد من الأحزاب، لفتح قنوات الحوار حول متطلبات المرحلة الراهنة، وسبل تنفيذ خارطة الطريق للخروج من الأزمة، ورفضت الدعوة والمشاركة فى الحوار أحزاب الجبهة الديمقراطية والغد، جبهة أيمن نور، والكرامة تحت التأسيس.
فى ذات التوقيت قامت عناصر أجنبية من جنسيات مختلفة بتوزيع «بطاطين» ومبالغ مالية بعملات «الجنيه، الدولار، اليورو» على بعض المتظاهرين الذين يشكلون مفاتيح للميدان، لحثهم على مواصلة اعتصامهم والمبيت داخله وتصعيد الأمور، كما شهدت البلاد خلال تلك الفترة وجودًا كبيرًا لعناصر من دول مختلفة (قبرص، سوريا، قطر، النرويج، فرنسا، تونس، ألمانيا، بريطانيا، فلسطين، إسرائيل، أمريكا، كندا، نيوزيلندا، روسيا، إيطاليا، بولندا، الصين، إيران، فنلندا، السودان، إندونيسيا، الهند، لبنان، إسبانيا، بنجلاديش، اليونان، أستراليا، الجزائر)، ومراسلى صحف وفضائيات ووكالات أنباء عالمية، فضلًا عن عناصر من حركتى حماس وحزب الله، حيث تم ضبط البعض منهم بمعرفة الأهالى، وتسليمهم للقوات المسلحة، إلى جانب ضبط عدد من عناصر حركة حماس وبحوزتهم أسلحة آلية وقنابل يدوية.

منع السفر

أصدر النائب العام قرارًا بمنع كل من (حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، أحمد المغربى، وزير الإسكان الأسبق، زهير جرانة، وزير السياحة الأسبق، أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى، رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق)، من السفر والتحفظ على أرصدتهم البنكية كإجراء احترازى، فى إطار تنفيذ تكليفات الرئيس الأسبق، الأمر الذى لاقى ارتياحًا فى أوساط المواطنين.
وقام المهندس أبوالعلا ماضى، وكيل مؤسسى حزب الوسط، تحت التأسيس آنذاك، بالاتصال بالسفيرة الأمريكية مرددًا: «إذا كانت الولايات المتحدة تدعم النظام المصرى لضمان الاستقرار فإن مصر ستتحول إلى أفغانستان جديدة»، وطالب بإصدار بيان من الإدارة الأمريكية لدعم المتظاهرين وليس النظام، حفاظًا على استقرار الوطن.
بينما تلقى الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، تعليمات من قيادات حركة حماس الفلسطينية بالإصرار على مطلب تنحى الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، من خلال توحيد الهتاف فى الميدان ليصبح: (الرحيل الرحيل لا بديل لا بديل)، وذلك خلال تظاهرة الجمعة 4 فبراير.
فى هذا التوقيت، كانت هناك مناداة من بعض ممثلى التيارات السياسية وجماعة الإخوان وأعضاء لجنة الحكماء، بتفويض صلاحيات مبارك لنائبه عمر سليمان، وفقّا للمادة 139 من الدستور، بدلًا من التنحى، كحل للخروج من الأزمة، فيما أصدرت الجماعة بيانًا بتاريخ 3 فبراير أكدت خلاله عدم وجود أجندة خاصة لها، أو تطلع منها لمقعد الرئاسة، أو أى منصب آخر، وأنها تنتهج سياسة الإصلاح السلمى الشعبى المتدرج، وأعربت عن رفضها لغة التهديد والوعيد والتخوين من جانب النظام، معلنة عن اتفاقها مع الرغبة الشعبية بأن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية، الأمة فيها مصدر السلطات، تتحقق فيها الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتعتمد النظام البرلمانى نظامًا للحكم، وتكفل حرية إنشاء الأحزاب والجمعيات والاستقلال التام للقضاء، مشيرة إلى عدم إمكانية رفض حوار جاد منتج مخلص يبتغى المصلحة العليا للوطن، شريطة أن يتم فى مناخ طبيعى للتوافق حول سبل الخروج من الأزمة.
كما أعلنت جماعة الإخوان عن أهدافها المرجو تحقيقها والمتمثلة فى (إلغاء قانون الطوارئ، الإصلاح السياسى والدستورى، الاعتداد بالجماعة كجزء من تركيبة مصر السياسية، العفو العام عن المسجونين السياسيين، منح سلطات شكلية لرئيس الجمهورية لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، منع الملاحقات الأمنية، منح مزيد من الحريات للنشاط الطلابى والنقابى والمجتمع المدنى وأعضاء هيئات التدريس).
واضطلع رئيس مجلس الشعب، بالتنسيق مع رئيس محكمة النقض، لسرعة إرسال تقارير المحكمة الصادرة ببطلان عضوية نواب مجلس الشعب، الذين فازوا بالتزوير، لحين البت فيها نهائيًا بالمجلس.
وفى يوم الجمعة 4 فبراير قام المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع الأسبق، بزيارة للمتظاهرين بميدان التحرير قبل إقامة صلاة الجمعة، والتقى بأفراد القوات المسلحة فى إطار رفع معنوياتهم، كما شهد ذات اليوم تظاهرات ضخمة بمختلف المحافظات من جانب المؤيدين لحسنى مبارك، والمطالبين بإسقاطه، دون حدوث ثمة مواجهات بينهما.
فيما راح عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية آنذاك، يعقد لقاءات مع بعض الشخصيات السياسية للتشاور حول بحث حلول الأزمة.

الموقف الدولي

تأرجح الموقف الأمريكى تجاه الأحداث التى تشهدها البلاد، حيث صرح ممثلو الإدارة الأمريكية فى بداية الأزمة بضرورة تنحى الرئيس عن الحكم بصورة فورية، استجابة لمطالب الجماهير من خلال مبعوثها لمصر «فرانك ويزنر»، إلى أن صرح الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بضرورة تحقيق انتقال سلمى للسلطة، واستمرار الرئيس مبارك فى الحكم لحين انتهاء ولايته، وذلك لمنع انتشار الفوضى، منوهًا بأن تصريحات مبعوثه تعبر عن وجهة نظره الشخصية، بينما أثارت الأحداث الترقب والقلق لدى الجانب الإسرائيلى لتحسبه رفض النظام المصرى الجديد الالتزام باتفاقية السلام (كامب ديفيد)، فضلًا عن الانعكاسات السلبية لإسقاط النظام الحالى على موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية.
فى حين اتخذت عدة دول (إيران، قطر، تركيا، لبنان «حزب الله») موقفًا سلبيًا تجاه النظام المصرى، واستخدمت فضائياتها الرسمية أبواقًا لتحريض الشعب المصرى على مواصلة احتجاجه وإسقاط النظام، مواجهة الظلم والفساد، وقد اتضح ذلك جليًا فى خطبة يوم الجمعة الموافق 4 فبراير، التى ألقاها يوسف القرضاوى من قطر، وكذا خطبة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئى، وأيضا كلمة أمين عام حزب الله اللبنانى، حسن نصرالله، خلال أحد المؤتمرات، وأيضّا ما تم رصده من قبل أجهزة المعلومات، من تلقى جماعة الإخوان دعمًا ماديًا من دولتى (إيران باكستان) للإنفاق على عناصرها بميدان التحرير.
وبتاريخ 5 فبراير، تقدم أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطنى (صفوت الشريف «الأمين العام»، زكريا عزمى «الأمين العام المساعد لشئون التنظيم والعضوية والمالية والإدارية»، مفيد شهاب «الأمين العام المساعد للشئون البرلمانية»، جمال مبارك «الأمين العام المساعد وأمين السياسات»، أحمد عز «أمين التنظيم، سبق تقدمه باستقالته»، على الدين هلال «أمين الإعلام»)، باستقالاتهم من مواقعهم، حيث أصدر مبارك بصفته رئيسّا للحزب قرارًا بالتشكيل الجديد لهيئة المكتب، والذى ضم كلًا من السادة حسام بدراوى «أمينًا عامًا وأمينًا للسياسات»، محمد رجب «أمينًا عامًا مساعدًا وأمينًا للتنظيم»، محمد عبداللاه «أمينًا عامًا مساعدًا وأمينًا للإعلام»، محمد كمال «أمينًا للتدريب والتثقيف»، المهندس محمد هيبة «أمينًا للشباب».
عصر اليوم نفسه، قام قائد المنطقة المركزية للقوات المسلحة بزيارة لميدان التحرير، وألقى كلمة فى المتظاهرين، أشاد خلالها بهم كشباب ناضج، مؤكدًا لهم وصول رسالتهم بالتغيير للجميع، وأنها أصبحت مسار التنفيذ، ونوه بأن هناك عناصر مندسة بينهم يمكن أن تشوه الصورة الحضارية لموقفهم، وطالبهم بمغادرة الميدان لعدم التأثير على مصالح المواطنين، إلا أنهم رددوا هتاف (هو يمشى.. مش هنمشي) ما دفعه للانصراف.
كما أعلن المتظاهرون عن تنظيم ما يسمى بأسبوع الصمود خلال الفترة من 6 إلى 12 فبراير، على أن يتم الإعداد لتظاهرات مليونية خلال أيام (الأحد- الثلاثاء- الجمعة)، فى نفس التوقيت تقريبًا كان مجلس الشعب، بلجنته العامة، يعقد جلسة بتاريخ 6 فبراير، اقترح خلالها رئيس المجلس أن يتقدم النواب الذين سيتم قبول الطعون المقدمة فى عضويتهم باستقالاتهم تفاديًا لتعرضهم للإحراج وإسقاط عضويتهم، والتأكيد على تمسك المجلس بالشرعية الدستورية كإطار لعمل مؤسسات الدولة.
وفى 6 فبراير أيضًا، عقد عمر سليمان لقاءً مع رؤساء وقيادات (الحزب الوطنى، أحزاب المعارضة، جماعة الإخوان) وبعض الشخصيات المستقلة وممثلى القوى السياسية ورجال الأعمال وشباب 25 يناير، لدراسة سبل الخروج من الأزمة، حيث تم إصدار بيان تضمن الإشارة إلى توافق جميع أطراف الحوار على التمسك بالشرعية الدستورية فى مواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه البلاد داخليًا وخارجيًا، والاتفاق على اتخاذ الإجراءات ذات الطبيعة المؤقتة لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد، (تنفيذ التعهدات الواردة فى خطاب الرئيس، عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، تحقيق الانتقال السلمى للسلطة فى نهاية فترة الرئاسة الحالية، إجراء تعديلات دستورية على المادتين "76 و77"، وما يلزم من تعديلات أخرى تتطلبها عملية الانتقال السلمى للسلطة، إجراء التعديلات التشريعية المترتبة على تعديلات الدستور، تنفيذ أحكام محكمة النقض فى الطعون المقدمة على انتخابات مجلس الشعب دون إبطاء، ملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فى الانفلات الأمنى الذى أعقب انتفاضة الشباب، واستعادة أمن واستقرار الوطن، وتكليف الشرطة بالاضطلاع بدورها فى خدمة الشعب وحماية المواطنين).
على ضوء ذلك البيان تقرر اتخاذ بعض الإجراءات تنفيذًا لتلك التعهدات منها: (تشكيل لجنة تضم أعضاء من السلطة القضائية وبعض الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية، وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور فى موعد ينتهى خلال الأسبوع الأول من شهر مارس - إعلان الحكومة عن فتح مكتب لتلقى الشكاوى ذات الصلة بمعتقلى الرأى من جميع الانتماءات، والإفراج عنهم فورًا، مع التعهد بعدم ملاحقتهم أو التضييق عليهم فى ممارسة نشاطهم السياسى - تحرير وسائل الإعلام والاتصالات وعدم فرض أية قيود على أنشطتها تتجاوز أحكام القانون - تكليف الأجهزة الرقابية والقضائية بمواصلة ملاحقة الفاسدين والمسئولين عما شهدته البلاد من انفلات أمنى خلال الأحداث الأخيرة، تشكيل لجنة وطنية للمتابعة تضم شخصيات عامة ومستقلة من الخبراء والمتخصصين ممثلين عن الحركات الشبابية تتولى متابعة التنفيذ الأمين لكل ما تم التوافق عليه مع رفع تقاريرها وتوصياتها لنائب الرئيس عمر سليمان - تواصل القوات المسلحة دورها الوطنى فى استعادة الهدوء والأمن والاستقرار، وضمان تنفيذ نتائج اجتماعات الحوار الوطني).
وتحفظ عمر سليمان، فى هذا الاجتماع، بقوة على مطالبات بعض ممثلى الحركات الشبابية خلال الاجتماع بضرورة رحيل الرئيس، مؤكدًا عدم قبوله أى إهانة للرئيس مبارك، أو خروجه من الحكم بشكل غير لائق، وإلا سيضطر لتسليم السلطة للقوات المسلحة، مرددًا: (المؤسسة العسكرية رفضت رحيل الرئيس لأنه ينتمى لها، ويعد من أبطال حرب أكتوبر، وفى حالة الرفض سيقوم الجيش بالاستيلاء على السلطة وإعادة الدولة للحكم العسكري)، منوهًا بأنه لن يسمح بتأسيس حزب سياسى على أساس دينى.

بيان رحيل الرئيس

عندما ترسخت قناعة بتراجع دور كل من (محمد البرادعى، وأسامة الغزالى حرب، وأعوانهما) عقب موافقة غالبية القوى السياسية، بما فيها جماعة الإخوان، على المشاركة فى الحوار الوطنى، تم الاتفاق بين الرجلين على تشكيل لجنة لإعداد بيان للمطالبة برحيل الرئيس.
وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجيًا بمختلف المحافظات اعتبارًا من يوم 6 فبراير، عقب صدور قرار بفتح البنوك وتأمينها من جانب الشرطة والقوات المسلحة، إلا أنه تم تعليق العمل بالبورصة على أن تستأنف نشاطها اعتبارًا من يوم 13 فبراير، مع تقليص زمن التداول إلى ثلاث ساعات فقط، على أن تقوم هيئة الرقابة المالية بالتنسيق مع البنك الدولى باتخاذ إجراءات استثنائية لدعم أداء البورصة عند معاودة نشاطها، هذا المشهد لم يكن ليرضى عنه بعض العناصر التى تريد تصعيد الأمور فى اتجاه معين، فقد قامت بعض العناصر البدوية الإجرامية بمحافظة شمال سيناء يستقلون 4 سيارات جيب بإطلاق قذائف (RBG) وكميات كثيفة من الأعيرة النارية على معسكر الأمن المركزى بمدينة رفح بتاريخ 7 فبراير، حيث تم تبادل إطلاق الأعيرة النارية معهم، ما أسفر عن إصابة أحد الضباط وتم التنسيق مع المخابرات الحربية للدفع بمدرعات القوات المسلحة لتأمين المعسكر.
وبتاريخ 7 فبراير أيضا، أصدرت جماعة الإخوان بيانًا لتوضيح موقفها من الأحداث عقب الانتقادات التى وجهت إليها لمشاركة ممثلين عنها فى اجتماعات الحوار الوطنى، والإشارة إلى عدم موافقة الجماعة أو توقيعها على بيان النظام الذى تضمن مجموعة إصلاحات جزئية لا ترقى لمستوى تطلعات الشعب، والتشكيك فى جدية ومصداقية المسئولين نحو تنفيذ تعهداتهم، بدعوى استمرار اعتقال بعض أبناء الشعب بواسطة البلطجية والأمن وتسليمهم للشرطة العسكرية.
عندما لم تتمكن جماعة الإخوان من عقد صفقة مع النظام سعت لمحاولة لتدويل الأحداث ودراسة مدى إمكانية توصيفها وفقًا للقانون الجنائى الدولى، فى ضوء ما أسفرت عنه من سقوط العديد من الضحايا على غرار الحكم الصادر ضد الرئيس السودانى، عمر البشير، من المحكمة الجنائية الدولية، حيث انتهت دراسة أعدتها لهذا الغرض إلى عدم إمكانية تحقيق ذلك نظرًا لعدم توقيع مصر على اتفاقية المحكمة، إلا أنه يمكن إقامة قضايا أمام محاكم بعض الدول كإنجلترا وإسبانيا فى حالة إحالة الموضوع لمجلس الأمن، والذى بدوره سيقوم بإحالته للمحكمة الدولية رغم عدم التصديق على الاتفاقية، كما أن هناك اتجاهًا لدى العديد من منظمات حقوق الإنسان نحو مطالبة المجلس الدولى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعقد جلسة خاصة فى هذا الشأن.