الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أطباء يحذرون من "فيس بوك": يصيب بـ"الهشاشة الوجدانية".. صفحة "أساحبي" كانت متنفسّا للضحك في أصعب الظروف.. و"ساعتين في اليوم كفاية"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من عجائب مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص "فيس بوك" في مصر أنها تجمع بين متناقضات، فالتعبير عن السعادة المفرطة بين أعضائه وكذلك الدخول في حالات الاكتئاب "الافتراضي" بسبب ما نشهده من أحداث، وما يرصده النشطاء عليه ما يحوله من مجرد وسيلة للتواصل والترفيه عن النفس إلى وسيلة لإيجاد جو كئيب، يثير الضجر والملل في النفوس في ظل ما تمر به البلاد بظروف عصيبة وأحداث محزنة ومأساوية متكررة.
ويكرس الكثيرون أنفسهم على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل التعبير وإظهار ما يجول بخواطرهم من نقد وتعليقات على ما يقع وذلك بمجرد وقوع أية حدث ساخن، وقد يخلق هذا الجو المتوتر "قفشات" و"إفيهات" تجعلك لا تسيطر على نفسك من شدة الضحك، لأن شر البلية ما يضحك، وهو ما يثير التساؤل عن الأثر النفسي والاجتماعي الذي يسببه الإفراط في نشر المواد المصورة والمكتوبة التي تثير الجدل ومشاعر الحزن.

وأكدت الدكتورة "هدى زكريا"، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الزقازيق، أنه بالرغم من المميزات التي تتيحها شبكات التواصل الاجتماعي من الاندماج الكلي وإيجاد حلقات التواصل بين الجميع واستقاء المعلومات وتمريرها، إلا إن هناك ظاهرة أصبحت متفشية داخل المجتمع المصري ولا سيما بين الشباب وهي ظاهرة "الكآبة الإلكترونية" عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل نشر منشورات تحمل معاني عديدة مثل "أخشى، قلق، ألا تتوقع أشياء سيئة"، والتي تنعكس بشكل كبير على السلوك والشعور العام لهؤلاء الشباب داخل المجتمع مما يزيد من القلق والتوتر.
وأضافت "زكريا" أن تلك الظاهرة تنتقل إلى الشباب أيضّا عبر وسائل الإعلام المختلفة حيث تجد العديد من الإعلاميين الذين يسيطر على ما يقولونه القلق والخوف ويتوقع المزيد من السلبيات بلا أمل مستشهدة بالإعلامي "جابر القرموطي" الذي يحطم الأعصاب بصراخه وهتافه على شاشات الفضائيات وغيره من المذيعين الذين لا يزرعون البهجة أو الأمل داخل القلوب.

وأشارت أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن ذلك هو أيضًا منهج جماعة الإخوان الذين حاولوا افتعال مثل تلك الأخبار للتأثير على غيرهم، وهو ما من شأنه أن يفقد المواطنين الأمل ويلجئون للقوى الغيبية مثل السحر والشعوذة وغيرها من الخرافات، ظنًا منهم أنها الملاذ للقضاء على تلك المشكلات، متابعة أن تلك الظاهرة بمثابة العدوى التي تنعكس على المواطنين الذين لديهم أمل في الغد.
وحذر الدكتور أحمد هارون، مستشار الصحة النفسية، وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي، من تحول مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" و"تويتر" من وسيلة للترفيه والمشاركة الوجدانية المثمرة إلى استخدامها في نشر وإبداء الآراء حول الأمور المحزنة المرتبطة بالواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه، كما يحدث مؤخرّا بشكل مفرط حينما تحدث أي حادثة أو واقعة محزنة مثل مقتل الناشطة السياسية "شيماء الصباغ"، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي حول التحليل والتفاعل الوجداني مع الحدث بشكل كبير وغير صحيح.
وأوضح "هارون" أن ذلك يؤدي إلى الإصابة بمرض "الهشاشة الوجدانية" واتهام فئات بعينها ليس لها علاقة بما حدث مثل اتهام البعض لفئة معينة بالمسئولية دون وجود دليل، لافتّا إلى أن تلك الآراء خرجت بسبب أن مواقع التواصل الاجتماعي تجعل الفرد يتعامل مع عالم غير افتراضي، كما يتاح له تغيير شخصيته بالعالم المادي لعدم وجود قيود تحول بينه وبين ذلك العالم فمتصفح شبكات التواصل شخصية متحررة قد تفعل وتقول ما تشاء بدون دلائل.

وأضاف "هارون" أنه يوجد العديد من الأخطار التي تسفر عن استخدام مواقع التواصل في تلك الحالة وهي أنها تؤدي للإصابة بالاكتئاب والعزلة الاجتماعية بسبب الانغماس في الواقع الافتراضي وشعور الفرد بأنه في غنى عن التواصل الاجتماعي بينه وبين المحيطين به، ولأجل ذلك لا يجب أن يزيد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عن ساعتين يوميّا، حتى لا يؤثر ذلك على طبيعة التعامل الاجتماعي ويؤدي إلى مضاعفات تؤثر سلبيّا على صحته النفسية.
وأشار هارون إلى وجود العديد من العناصر الإيجابية التي لا يمكن إغفالها داخل شبكات التواصل الاجتماعي منها المشاركة الوجدانية وتبادل المعلومات والخبرات المختلفة بين مختلف الفئات وإتاحة التعلم وغيرها من الإيجابيات التي توجد حالة من السعادة باعتبار أن مواقع التواصل عنصر من عناصر ومسببات السعادة للإنسان المصري، إضافة إلى وجود بعض الصفحات المتخصصة في النكت أو الإفيهات مثل صفحة "أساحبي" والتي اختفت بعد الهجوم عليها من قبل أعضاء الموقع.
وأكد الدكتور هشام بحري، رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر، أنه لاشك أن التكنولوجيا المعلوماتية لها فضل على الجميع في تحقيق سرعة في التواصل الاجتماعي بين الجميع ولكن ما يهم هنا مدى صدق التواصل من عدمه.

مشيرا إلى أن كثرة التواصل وتبادل المعلومات "الكئيبة" أمر واقع داخل كل الدول المشتعلة التي يوجد بها أزمات، إلا إنه على الرغم من ذلك فتلك الظاهرة من المتوقع أن تنتهي داخل البلاد بمرور الوقت، وذلك لأن أغلب من يحاول استخدام تلك المعلومات من أجل بث الرعب ونشر الفوضى من المنتمين أو من أنصار جماعة الإخوان الإرهابية الذين دأبوا على نشر تلك المعلومات التي لم يعد الكثير من الشعب المصري يصدقها وذلك لفقد مصداقيتهم وكشف ما يقومون به من أكاذيب.
وأوضح خبير علم النفس أن مواقع التواصل الاجتماعي تضخم من المعلومات والأخبار التي تنشرها، وهو الأمر الذي بدء المصريون في إدراكه ووعيه، وهو ما تجسد فيما أكده القرضاوي أمس، حينما أكد لفظاّ بأن "مصر تدمرت" ومثل دولة كتركيا التي قد يراود إلى ذهنك أنها ستقوم بانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان، إلا إن الواقع غير ذلك، وهو ما يؤكد مدى ما تثيره مواقع التواصل من مبالغات، لافتا إلى أن مصر في طريقها لمرحلة الشباب من جديد بعد 4 أعوام كامله من "التهريج"، كما أن تلك الظاهرة في طريقها للانتهاء بمرور الوقت، مطالبّا الشباب بالاتجاه لبث روح التفاؤل والتركيز على الاخبار الجيدة المتفائلة والبحث عن صفحات تبث روح الأمل مثل الاختراعات والابتكارات.