الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صناعة الكآبة في 25 يناير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لو أن لدينا مؤلف بخيال فضفاض حاول استعراض مظاهر الكآبة التي أصبحت ترتبط بيوم مثل 25 يناير، لفشل فشلاً ذريعاً في رصد الواقع الذي نعيشه من سنوات.
نعم 25 يناير هو عيد الشرطة.. هكذا تعلمنا في المدارس ومن كتب التاريخ، وحفظنا عن ظهر قلب وقفتهم الباسلة في الإسماعيلية رفضاً لتعليمات المحتل الأجنبي ونعلم أنهم في ذلك اليوم قدموا خمسين شهيداً ما بين عسكري وضابط، قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن، وصار ذلك الاحتفال عادة سنوية، ولكن هل شرطة أوائل الخمسينات هي شرطة ما بعد الألفين ؟ الإجابة يقيناً هي لا.
وما بين 25 يناير عيد الشرطة و25 يناير الثورة مسافة كبيرة، على كل حال قام الشعب في 2011 في ذات الموعد وتطورت مطالبه بخلع مبارك وقد كان، ومنذ ذلك التاريخ لم تهنأ بلادنا في هذا التاريخ من كل عام لا بذكرى عيد الشرطة ولا بذكرى الثورة وكأن التاريخ يمشي ضد بعضه متخاصماً، وهذا أمر عجيب ومعضلة تحتاج فض اشتباكها، وفي ظني أن هذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة لأن تواصل هذه الأوضاع أصبح واحدا من أشد الأخطار التي تهدد إمكانية التقدم خطوة للأمام وطي صفحة ما قبل يناير 2011 إلى الأبد وأقصد هنا تلك الصفحة المليئة بأمراض وجرائم حكمت دائماً العلاقة بين الداخلية والمواطن بشكل عام والداخلية والمعارض بشكل خاص.
وبعد مشادات دامية صنعها الإخوان في كل يناير، جاء هذا العام متدثرا بدماء فتاة في ميدان طلعت حرب، فماذا يريد المتربصون بنا، حتى التاريخ يزداد التباساً والغموض يصير سيد الموقف، فهل من تفسير لتلك الألاعيب ؟.
في تقديري أن كل كآبة مقصودة وأن صناعها هم أعداء الحياة وخصوم الشعب، فالوضوح في التاريخ والوقائع يستتبعه بلاشك وضوح في الموقف والهدف، أما الارتباك في كل خطوة فلا ينتج إلا مزيداً من التشاؤم ومن الإحباطات التي لا نريدها على الإطلاق في تلك المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد.
تزحف روائح الدم مع بداية هذا الشهر من كل عام وصار حراماً علينا أن نغني كما في الزمن السابق " كل ما تهل البشاير .. من يناير كل عام"، كانت بشاير بمعناها المبهج والإيجابي صارت كآبة وإحباط وهزائم وموت وروائح بارود ودخان ينبعث من كل فج عميق.
فهل هانت علينا بلادنا، أم أن هناك من المخططات ما يفسد الأحلام، وأول الإنهيارات دائماً يأتي عندما يتم ضرب القيمة، وعندما يتم التناطح ما بين عزيزين، فدماء وأرواح شرطة بداية الخمسينات غالية وعزيزة وكريمة تماماً كما أرواح شهداء يناير تلك الي ساهمت في تخليصنا من استبداد مبارك وأعوانه، وعندما يصنع المتربص، أيا كانت هويته, مكيدة وخصومة وهمية ما بين الثوابت تختل المعادلات فيسقط كل شىء لحساب قوى التطرف والظلام، ذلك السقوط هو غاية ما يستهدفون.
وعلى ذلك نلتفت حولنا نبحث عن عقلاء الوطن ليحددوا بوضوح الخطوط الفاصلة ما بين الثابت والمتغير وليتحمل الجميع مسؤوليته فإن كانت الداخلية مسؤولة عن إراقة الدماء فلابد من محاسبتها وان كان مقتل المتظاهرة نتيجة طرف ثالث كما تقول الداخلية فإن واجبها هو تحديد هذا الطرف وإلقاء القبض عليه ومحاسبته سواء في هذه الواقعة أو غيرها من الوقائع التي يظل الفاعل فيها مجهولا دائما.. وفي كل الحالات يبقى أن المعارضة حق والتأييد أيضاً لما أنت مقتنع به حق، لا الأول خائن ولا الثاني منافق، وتبقى الحدود الفاصلة في المعاني بين الفريقين هي أن يتحول المعارض لمخرب ومعول هدم لهذا الوطن أو أن يتقدم المؤيد لهدم كل قيمة لمجرد أنها لا تتوافق مع أهوائه، هنا يؤدي الطرفان إلى نتيجة واحدة حتمية، وهي التخريب في وقت لا يحتمل العبث.