الأرشيدياكون «شماس» حبيب جرجس.. اسم شكل حجر زاوية في بناء تاريخ الكنيسة الحديث، حيث أنشأ فصول التربية الكنسية، بالإضافة إلى إحياء الكلية الإكليريكية، وكان يرى أن الإصلاح الكنسي ضد الكهنة لا يقوم على الهجوم أو النقد اللاذع للقيادات الكنسية، وإنما بالعمل الجاد مع الأطفال والفتيان والشباب، إذ يصيرون أعضاء الكنيسة في المستقبل، ومنهم مَنْ يتسلم القيادات الكنسية.
ولد جرجس في القاهرة عام 1876، وصار أشهر واعظ في جيله، وكان في وعظه جهوري الصوت، غزير المعلومات، كما قام بإنشاء جمعيات خيرية جديدة، وشجع الجمعيات القائمة وأنشأ جمعيات أخرى للوعظ.
في عام 1918 أنشأ جرجس مدارس الأحد، وذلك لتعويض نقص تدريس مادة الدين المسيحي للطلاب في المدارس، بسبب إهمالها، وعدم وجود مدرسين أكفاء لتدريسها، وكان هدفها خلق جيل جديد محب للكتاب المقدس، وتقدمت مدارس الأحد بسرعةٍ فائقةٍ، فصار لها في سنة 1935 عشرون فرعًا بالقاهرة، و18 فرعًا بالوجه البحري، و44 فرعًا بالوجه القبلي، و30 فرعًا بالسودان.
وعلى يديه تم إحياء المدرسة اللاهوتية لمدرسة الإسكندرية المسيحية (الكلية الإكليريكية) عام 1893، وأصبحت اليوم لديها مبانٍ جامعية في الإسكندرية والقاهرة، بالإضافة إلى نيوجيرسي ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، يدرس بها المُرَشَّحون لنوال سِرّ الكهنوت، والرجال والسيدات المؤهلون، العديد من العلوم المسيحية كاللاهوت والتاريخ واللغة القبطية والفن القبطي، بالإضافة إلى الترنيم والأيقونة (صنع الأيقونات) والموسيقى وصنع الأنسجة.
قدم الأرشيدياكون جرجس أكثر من ثلاثين كتابًا في شتى العلوم الدينية، تشمل الروحيات والعقيدة والتاريخ والإصلاح الكنسي والترانيم والشعر، ليتخرج من بين يديه جيل كامل من محبي العقيدة واللاهوت والكتاب المقدس، أبرزهم البابا شنودة الثالث.
وتوفي حبيب جرجس يوم 21 أغسطس 1951، وفي يوم الخميس الموافق 20 يونيو 2013 اجتمع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، وتم إعلان قدسية الأرشيدياكون جرجس، وذلك بعد مرور 62 عاماً على وفاته.
من النسخة الورقية
