الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الملك عبد الله بن عبدالعزيز "حكيم العرب"..وداعًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عشر سنوات قضاها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، جالسًا على عرش المملكة العربية السعودية، و20 عامًا حاكمًا فعليًا للمملكة السعودية، منذ مرض شقيقه الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز. 

العاهل السعودي، الذي وافته المنية، فجر الجمعة، عن عمر 91 عامًا، كان قد تعرّض أكثر من مرة لوعكات صحية لا سيما خلال العامين الأخيرين، كان آخرها قبل رحيله، حيث أعلن الديوان الملكي أنه كان يعالج من "التهاب رئوي"، "استدعى وضع أنبوب مساعد على التنفس بشكل مؤقت".

وأجرى العاهل السعودي الراحل في 17 نوفمبر 2012، عملية جراحية في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض؛ لتثبيت رابط بفقرات الظهر، هي رابع عملية جراحية للملك خلال عامين. 

 ومنذ إجراء العملية، غاب الملك الراحل عن أي مناسبات رسمية خارج المملكة، كان آخرها القمة الخليجية في الدوحة يوم 9 ديسمبر الماضي، وصار ولي العهد السعودي يترأس غالبية جلسات مجلس الوزراء بالمملكة.


ويعد عبدالله بن عبد العزيز الذي ارتقى سدة الحكم في 1 أغسطس 2005 بعد وفاة شقيقه الملك فهد، أكبر الحكام العرب سنًا، وعلى مدى سني حكمه اشتهر العاهل السعودي بإطلاقه العديد من المبادرات ورعايته الكثير من المصالحات، وهو أمر ظل يقوم به رغم تقدمه في السن، وحتى قبل أسابيع من دخوله المستشفى برعايته لمصالحة بين مصر وقطر في ديسمبر الماضي.

ولد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عام 1924 في مدينة الرياض، وهو الابن الثاني عشر من أبناء الملك عبد العزيز الذكور، تأثرت شخصيته بوالده عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود مؤسس المملكة، الذي يعد معلمه الأول. 

تلقى تعليمه على يد كبار المعلمين والعلماء على الطريقة التقليدية وهي الكُتاب ودروس العلماء وحلقات المساجد. 

تدرج الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العديد من المناصب قبل توليه سدة الحكم، ففي عام 1964 أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز أمرًا ملكيًا بتعيينه رئيسًا للحرس الوطني الذي ضم في مطلع تكوينه أبناء الرجال الذين عملوا مع الملك عبد العزيز آل سعود. 

وفي عام 1975 عيّنه الملك خالد بن عبد العزيز نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب منصبه السابق كرئيس للحرس الوطني. 

وفي عام 1982 بويع عبد الله وليًا للعهد بعد تولي أخيه فهد بن عبد العزيز عرش المملكة، ثم صدر أمر ملكي في مساء نفس اليوم بتعيينه نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ورئيسا للحرس الوطني، إضافة إلى ولاية العهد.


وفي عام 1995 استلم إدارة شئون الدولة وأصبح الملك الفعلي بعد إصابة الملك فهد بجلطات ومتاعب صحية، وبعد وفاة الملك فهد في 1 أغسطس 2005 تولى الحكم، وبالإضافة لكونه ملكا للدولة فإنه يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء تبعا لأحكام نظام الحكم في المملكة القاضية بأن يكون الملك رئيسًا للوزراء. 

كما تولى الملك عبد الله عدة مناصب أخرى حيث شغل منصب نائب رئيس اللجنة العليا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنيات، ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، ونائب رئيس المجلس الأعلى لشئون البترول والمعادن، ورئيس مؤسسة الملك عبد العزيز لرعاية الموهوبين، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار، ونائب رئيس مجلس الخدمة المدنية، ورئيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. 

يُنسب له الفضل في علاقات المملكة الجيدة مع الدول العربية والأجنبية، إذ قام بجولات رسمية كثيرة ومثّل المملكة في العديد من المؤتمرات واللقاءات، وكان يحظى باحترام شعبي كبير.

وللملك عبد الله دور هام في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية، وكذلك في دعم العلم والعلماء الذي تمثل في إنشاء مكتبة الملك عبد العزيز بالرياض ومؤسسة الملك عبد العزيز في المملكة المغربية.


** إصلاحات وتحديات 

 شهدت المملكة في عهده العديد من الإنجازات الاقتصادية والتعليمية، كان أبرزها ارتفاع أعداد جامعات المملكة من ثمان جامعات إلى إحدى وعشرين جامعة حكومية وأربع جامعات أهلية.

كما تم في عهده إنشاء العديد من المدن الاقتصادية منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ومدينة جازان الاقتصادية ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي في مدينة الرياض. 

أيضا شهد الحرمين الشريفين في عهده والمشاعر المقدسة أكبر مشاريع في تاريخهم للتيسر على حجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم، فوافق مطلع 2008 على البدء في إحداث أكبر توسعة للحرم المكي الشريف، والتي تتم حاليا على 3 مراحل، ويُتوقَّع أن يستوعب الحرم بعد التوسعة (2.000.000) مُصلٍ تقريبًا في وقتٍ واحد.

كما يجرى حاليا أيضا توسعة صحن الطواف وإعادة بناء وتأهيل الأروقة المحيطة به في كل الأدوار على ثلاث مراحل في خمسة أدوار، ليستوعب (105 آلاف) طائف في الساعة، بعد أن كان يستوعب 48 ألف طائف في الساعة.

كما تم الانتهاء العام قبل الماضي من جميع الأعمال المتعلقة بمشروع تطوير جسر الجمرات، الذي بلغت تكاليف إنشائه نحو أربعة مليارات ريـال (1.06) مليار دولار، ويهدف مشروع منشأة الجمرات إلى توفير الطاقة الاستيعابية بالجمرات، ليتمكن أكثر من ستة ملايين حاج على الأقل من رمي الجمرات ضمن ظروف آمنة ومريحة تحقق لهم السلامة والراحة خلال أدائهم هذه الشعيرة، وخفض كثافة الحجاج عند مداخل الجسر، وذلك بتعدد المداخل وتباعدها، ما يسهم في تسهيل وصول الحجاج إلى الجمرات من الجهة التي قدموا منها. 

على الصعيد السياسي الداخلي، أسس العاهل السعودي الراحل لأول مرة في بلاده العام 2006 هيئة البيعة، وأصدر في ديسمبر 2007 أمرا ملكيا بتشكيلها برئاسة الأمير مشعل بن عبد العزيز لتتولى مهمة تأمين انتقال الحكم بين أبناء أسرة آل سعود (الحاكمة).


مبادرات الملك عبد الله

وعلى مدى سني حكمه اشتهر العاهل السعودي الراحل بإطلاقه العديد من المبادرات ورعايته الكثير من المصالحات، كان أبرزها مبادرة السلام العربية، وهي مبادرة أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز( حينما كان وليا للعهد) خلال القمة العربية في بيروت عام 2002، وتقضي بإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل. 

كذلك من أبرز مبادراته، مبادرة للحوار بين الأديان السماوية (الإسلام، واليهودية، والمسيحية)، والتي أطلقها في 14 مارس 2008، أي بعد أقل من 5 أشهر على زيارته التاريخية للفاتيكان في نوفمبر 2007، ليكون أول ملك سعودي يزور هذا المكان المقدس لدى المسيحيين الكاثوليك في العالم.

ومن أبرز جهوده لرعاية المصالحات، كان توقيع معاهدة الصلح بين أطراف القيادات العراقية (سنة وشيعة)

في أكتوبر 2006 في لقاء تركز على محاولة جمع شتات هذه القيادات لتوحيد الصف ونبذ الخلافات الطائفية والسياسية. 

وفي فبراير 2007، رعى العاهل السعودي اجتماع الفصائل الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في لقاء لمواجهة الاقتتال الفلسطيني الداخلي. 

وأسدل الستار على عام 2014، بعد أسابيع قليلة من انتهاء أطول وأعمق وأكبر خلاف يشهده دول مجلس التعاون الخليجي في تاريخه، استمر 8 أشهر و10 أيام، بمبادرة من العاهل السعودي الراحل أيضا. 

بدأ الخلاف في 5 مارس الماضي بإعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، وانتهى في 16 نوفمبر الماضي، بإعلان الدول الثلاث عودة سفرائها مجددا خلال اجتماع خليجي تم في الرياض برعاية ملك السعودية 

وفي 20 ديسمبر، أعلن الديوان الملكي السعودي أن قطر ومصر استجابتا لمبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز "للإصلاح" بينهما، و"توطيد العلاقات بينهما وتوحيد الكلمة وإزالة ما يدعو إلى إثارة النزاع والشقاق بينهما".


مكافحة الإرهاب  

الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كان أكثر القادة صراحة وصرامة في ملف الإرهاب منذ عام 2005، والسعودية تشدد على إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب منذ مطلع ألفين وخمسة، استضافت الرياض مؤتمرًا عالميًا لمكافحة الإرهاب، ودعا فيه لإنشاء مركز دولي لأجل ذلك.