الخميس 06 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإرهاب ليس إسلاميًا "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن من أعظم سمات و مميزات الإسلام العظيم و خصائصه و التي هى تميزه عن غيره، هو الجانب الأخلاقي و القيمي و الذي هو أصل أصيل من أصوله، و مكون أساس من مكوناته، بل إنه لا يتم إسلام المسلم، إسلامًا حقيقيًا و لا يصح إيمانه إيمانًا صادقًا، حتى يتمثَّل به، و يحققه بل و حتى يكون نبراسًا لحياته و معاشه و دنياه و آخرته، و تكون الأخلاق الحسنة هى العلامة المميزة للمسلم بين الناس، و تكون القيم النبيلة هى الصفة المميزة للإسلام بين الناس، و قد كان المسلمون الأولون نبراسًا و تحقيقًا لهذه الأخلاق الإسلامية على الأرض، و كانوا سببًا مباشرًا في دخول الناس في دين الله أفواجًا، و كانوا تحقيقًا واقعيًا لتلك الأخلاق و المثل العليا بين الناس، ما جعل رهبان المسجد الأقصى يشهدون شهادة حقٍ و صدقٍ في الصحابة الكرام و المسلمين الأوائل، لما فتحوا بيت المقدس، و رأوا أخلاقهم في التعامل مع الناس و مع أنفسهم ، فقالوا: "هؤلاء خير من الحواريين أصحاب عيسى –عليه السلام- ، فهم فرسان الليل رهبان النهار" .
و ما زال هذا عهد المسلمين و حالهم رغم مرور السنين و أعوامهم، و اعتبر بحال "إندونيسيا" و هى أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، حيث يبلغ تعداد سكانها ما يزيد عن الـــ 230 مليون نسمة أغلبهم من المسلمين.
لم يدخلها جندي مسلم واحد، و إنما فتحها أخلاق التجار العرب من المسلمين، والذين أبحروا حتى وصلوا شواطئ جزيرة "سومطرة" و هى أكبر جزر "إندونيسيا"، و ذلك في أواخر القرن الثاني و أوائل القرن الثالث الهجري، الثامن و التاسع الميلادي، وأنشئوا لأنفسهم، مراكز تجارية على سواحل "سومطرة" و كانوا ينطقوها "سمدرة" .
و لما تعامل التجار المسلمون مع الناس في "إندونيسيا"، و رأى الناس منهم الخُلق العالي الرفيع و الأمانة العالية في البيع و الشراء و التجارة، و التعامل مع الناس عامة بخلق عالٍ رفيع ، مع الالتزام بالوقت ذاته بأحكام و تعاليم دينهم و شرائعه ، فإذا جاء وقت الصلاة –مثلًا- سعوا إلى ذكر الله و تركوا البيع و الشراء و التجارة، فكان الانبهار بتلك الأخلاق و القيم، و الدين و الذي هو سبب و أساس أخلاقهم.
إن القاعدة الاستقرائية التاريخية لتقرر أن أغلب الذين دخلوا الإسلام العظيم على مر تاريخ الإسلام كله، لم يدخلوه عن دراسة و بحث و اقتناع في أول الأمر، و إنما كان دخوله فيه في أول الأمر عن طريق الانبهار الشديد بأخلاقيات المسلمين و قيمهم و تعاملاتهم فيما بينهم و بين الناس، ثم يأتي الاقتناع بالدين عن دراسة و بحث و فكر في مراحل لاحقة.
و لقد كانت أخلاق المسلمين العالية و السامية هى العلامة المميزة و الصفة الكاشفة لهم على مر تاريخهم خاصة في العصور الأولى المزدهرة للمسلمين عندما كان العهد قريبًا، و الدين غضًا طريًا بِكًرا مُتَّبَعًا، و كان المسلمون يلتزمون بتعاليمه و أخلاقهم، على عكس حالهم اليوم حيث تحول الدين عندهم لأمر ثانوي هامشي، و هو السبب الأكبر لتخلفنا عن ركب التقدم و التحديث و الحضارة .
إن أخلاق المسلمين الأوائل و التي كانت علامة عليهم بها يُعْرَفُون، للدرجة التي كان الناس معها، إذا نزل أحدهم بديار غريبةٍ عليه، يستطيع أن يُمَيِّزَ إن كانت هذه ديار للمسلمين أو لغيرهم، من نظافة بيوتها و شوارعها، كانت النظافة العامة و الخاصة علامة مميزة للمسلمين بها يُعرفون و بها يميزون عن غيرهم، تحقيقًا لأمر نبيهم –صلى الله عليه و سلم- و الذي جعل الطهارة نصف الإيمان، و أمر المسلمين ببالغ الاهتمام بالنظافة الشخصية بل و جعلها من خصال الفطرة و التي لا يفعلها و يحافظ عليها إلا سَوِّي الفطرة و لا يتخلف عنها إلا مكنوس الفطرة، من مثل تقليم الأظافر و الاستحداد، و نتف الإبط، و قص الشارب ، و غيرها من الخصال الحسنة التي تحض على النظافة الشخصية للشخص المسلم، كما حض على الاغتسال و الإكثار منه كلما أمكن.
كما إنه صلى الله عليه و سلم، حض المسلمين على نظافة بيوتهم و أفنيتهم و هى ما يكون أمام البيوت و نهاهم عن ترك نظافتها كما تفعل اليهود.
فإذا كان دين هذه هى أخلاقه و صفاته و سماته يهتم بنظافة أتباعه الشخصية و نظافة بيوتهم و شوارعهم، أيمكن بحالٍ أن يقبل فضلًا عن أن يأمر بتلويث أيادي الناس و شوارعهم بدماء الأبرياء و قطع الرءوس و شق البطون و التمثيل بجثثهم ؟!
لا أعتقد أبدًا أنه يقول بذلك منصف و لا يستطيع أن يقرره إلا متعصب أو حاقد على الإسلام و المسلمين !
على ما سنبينه في الأسبوع القادم إن شاء الله .
و ....
في الأُسْبُوعِ القادمِ ... للحديثِ بقية ... إنْ شاءَ ربُّ البرية .