الأحد 02 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جناية النقد الأدبي علي إحسان عبد القدوس وغيره

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس هذا حكما عاما ، فدائما هناك من يهملهم النقد ، وليس عيبا أن يمضي الناقد حياته في دراسة كاتب واحد أو اثنين ، انا هنا أتحدث عن شيء آخر ، فالنقاد هم أول من يعرفون أن الإبداع الأدبي لا يمكن وضعه في سلة واحدة ، فكما أن القراء أنواع فالكتاب أنواع ، هناك من يكتب للتسلية وهناك من يكتب قصصا بوليسية أو للرعب أو خيال علمي أو روايات أدبية حقيقية تنتمي إلى هذا الفن الصعب والجميل ، الجناية التي أتحدث عنها هي حينما يقف النقاد جميعا في خندق واحد لأي نوع من الكتابة الأدبية ، في تاريخنا معارك أدبية رائعة لكنها أبدا لم تنته إلى نوع واحد من الكتابة ، فالمدرسة الحديثة بعد ثورة 1919 وكان من اعلامها يحيى حقي العظيم كان همها الأول تنقية القصة من الزيادات اللغوية مثل الجناس والطباق والتشبيهات والعطف الكثير ، ورغم ذلك لم يتحول كل الناس الي المدرسة الحديثة رغم قيمة ما تقول، وهبط علي مصر يوسف الشاروني معطيا القصص آفاقا فلسفية أعمق ، ثم هبط علي القصة يوسف ادريس فلجأ الي العامية وصارت القصة مثل منحدر سريع من الدراما واعتنت عنده بما لا يتصور الناس أنه هام في حياتهم وجعل منه موضوعا عظيما . وفي الرواية ظل نجيب محفوظ يقيم تاريخا وحده لها بصبر غريب ، من الرواية التاريخية الي الواقعية الي الفلسفية وشهدت لغته تطورات مذهلة منذ اللص والكلاب عام 1961 ، وشغلت معركة الفن للحياة التي قادها لويس عوض ومحمد مندور مساحة كبيرة ثم معركة الفن للمجتمع التي قادها محمود امين العالم وعبد العظيم أنيس ثم شهدت مرحلة الستينات تجديدا في الشكل في أكثره يعود الي يحيى حقي والشاروني وإدوار الخراط وهكذا ، لكن ما أريد أن اتكلم عنه أن النقاد منذ الستينات صار شغلهم الشاغل نجيب محفوظ لأن في أرضه الواقعية والرموز والسياسة وأهملوا كتابا كبارا مثل يوسف السباعي واحسان عبد القدوس وعبد الحليم عبد الله وغيرهم ، أهملوا يوسف السباعي علي أساس أن رواياته تعليمية تحكي ثورة يوليو بشكل مباشر رغم أن ذلك لم يحدث إلا في رد قلبي ونادية وبقية رواياته لاعلاقة لها بذلك . بل إن رواية طريق العودة عن قضية فلسطين من أحسن ما تقرأ أما السقا مات فحدث ولاحرج عن روعتها وهكذا مع مسرحياته . والأمر نفسه مع احسان عبد القدوس الذي لم تعحبهم منه غير في بيتنا رحل دون أن ينتبه أحد إلي أنه أهم كاتب كان يعني بالنفس البشرية وكيف يصير الإنسان عبدا لها وتكون وراء كل سقطاته ، الخيط الرفيع مثلا ، شيء في صدري ، كما أنه أجمل من كتب عن مفردات الحب العادية التي صارت يقينا في حياتنا فجعل منها أمرا نسبيا عاديا وكيف أن الحب أشمل واكبر ويمكن أن يتغير ويأخذ أشكالا اخرى ، الوسادة الخالية أو الطريق المسدود وهكذا ، أما مع محمد عبد الحليم عبدالله فلقد استمر الظلم باعتباره كاتبا رومانسيا وكأن الرومانسية ذنب بينما هي نوع من أنواع الكتابة . والأمر نفسه حدث مع ثروت اباظة وأمين يوسف غراب وغيرهم، انتهي الأمر للأسف إلي كراهية التجديد والادب الجديد باعتباره معقدًا فهناك كتاب مجددون لا تصمد في قراءتهم إلا علي سبيل الدراسة الاكاديمية لكنك تخسر كل متعة ممكنة . وأنا طبعا لست ضد ذلك لكن بشرط أن يعرف النقاد انه ليس الأول والآخر وأن الإبداع نشاط انساني يتغير بتغير الناس والظروف ، المهم البناء الفني واللغة التي تكتب بها وكيف يكون البناء خادما للموضوع ، لم يكن عيب عبد الحليم عبد الله أن لغته مجنحة فهو رومانسي ولا بعيب إحسان ان لغته شارحة فهو يحلل النفوس وهكذا ، انتهي الأمر الي كتابات صحفية تسمي روايات وحكايات كلها نميمة عندًا في التجديد وأصحابه ولم يصل هؤلاء الذين يكتبون روايات أشبه بحكايات الحوادث إلي قامة أي ممن أهملهم النقد الأدبي ، في مصر نظام حكم بيروقراطي يبدأ بالزعيم وينتهي إليه لكن الإبداع مختلف ، للأسف اهمال هؤلاء الكتاب كان نوعا من البيروقراطية في الحكم .