الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حرمانية الصمت على بوكو حرام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انشغل العالم ومن حقه أن ينشغل بمذبحة مجلة شارل إيبدو، ولكن ليس من حق العالم الصمت التام على الجرائم اليومية التي يرتكبها ذلك التنظيم المجنون بوكو حرام في نيجيريا، فرصاص هؤلاء الإرهابيين يحصد الأبرياء يوميا دون ذنب، أبرياء لا ريشة في أياديهم يرسمون بها مثل صحفيي شارلي إيبدو ولا حتى بندقية أو حجر .. ولا شىء إطلاقا يبرر قتلهم مرتين مرة بسبب النزعات المجنونة التي يمارسها أعضاء التنظيم ومرة أخرى بسبب صمت العالم وكأن من يموتون ليسوا بشرا.
ومؤخرا تزايدت وحشية جرائم بوكو حرام حيث كثفت استخدام النساء والفتيات لتنفيذ اعتداءات إرهابية دامية إذ دفعوا طفلة عمرها 10 سنوات إلى تنفيذ عملية انتحارية في سوق مزدحم، مما أدى إلى مقتل وإصابة 38 شخصاً على الأقل بينهم الانتحارية وقبلها تعرضت السوق نفسها لهجومين نفذتهما امرأتان تحملان متفجرات، ولا يمر يوم واحد إلا ويخرج ذلك التنظيم بمصيبة سواء اختطاف فتيات صغيرات وتزويجهن قسرا أو إعدامات جماعية أو حرق قرى أو ماشئت من مصائب لا يتخيلها عقل.
جرائم بوكو حرام ترقى بلا شك إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، لكنها تحدث أمام أنظار العالم ولا نقرأ إلا إدانات خجولة من هنا أو هناك، على اعتبار أن ما تفعله بوكو حرام وما يحدث في نيجيريا "شأن داخلي" لا يتعارض حتى الآن مع مصلحة بعينها لدى دول الغرب التي لم نر إحداها تسارع لرفع الموضوع أمام مجلس الأمن أو تشكل حلفا للتدخل العسكري السريع كما فعلوا في العراق وفي أفغانستان وليبيا أو يؤسسون محكمة جنائية دولية خاصة كما تم في قضية اغتيال رفيق الحريري في لبنان.
خطورة الوضع في أفريقية لا تقل أهمية عن سوريا والعراق والخليج، أفريقية من الصومال إلى مالي ونيجيريا وكينيا أصبحت بؤرا خطيرة للتطرف والإرهاب، لذلك يخطئ القابعين في القصور المخملية بأوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.. يخطئون إذا اعتقدوا أن نيران بوكو حرام بعيدة عنهم.
ورغم أنه تم الإعلان مؤخرا عن أن قوات مشتركة أفريقية سوف يتم تشكيلها للتصدى لبوكو حرام, ولكن كعادة دول العالم الثالث لن تتحرك القوات إلا بعد ان ينتهي حرق أجزاء واسعة من البلد الأفريقية بما عليها، أما مصر فنحن نعرف أنها عادت مؤخرا للاهتمام بالبعد الأفريقي والأمس ليس ببعيد عندما تأسست مراكز الدراسات الأفريقية لتكون مفتاحاً لنا للتواصل مع أبناء قارتنا، ونعرف بطولات المخابرات المصرية وتعاون بعض الأجهزة الأمنية الأفريقية في ضرب الحفار الإسرائيلي، والقارة الأفريقية بالنسبة لمصر ليست مجرد منابع نهر النيل ومشاكل السدود مع إثيوبيا، فأفريقيا أهم من ذلك بكثير، ومصر قادرة بمزيد من الاهتمام والتعاون الأمني ونقل الخبرات في مكافحة الإرهاب على حلحلة الأوضاع بنيجيريا وغيرها من دول أفريقيا، ولابد أن نتعامل مع جماعة بوكو حرام وأخواتها في كل مكان باعتبارهم امتدادا للإرهابيين في سيناء.
مواجهة التطرف والإرهاب لابد ان تتم بنظرة شاملة لا تعترف بحدود جغرافية فالفكر السام ينتشر كالسرطان وإرهاب بوكو حرام إن لم يتم التصدي له فهو لن يتوقف عند حدود نيجيريا وسيطال كل صامت، هكذا قال لنا التاريخ عن هؤلاء الإرهابيين المتطرفين الذين يدعون أنهم ملاك الحقيقية المطلقة، وبوكو حرام التي نشأت تحت ادعاء أنها تسعى لمقاتلة وردع كل من يتبع التعاليم أو الدراسة الغربية هي الحرام ذاته، وهي الامتحان العسير لكل دعاة الإنسانية إذا لم يصرخوا ويتحركوا لإنقاذ النساء والفقراء الذين أصبحوا فريسة سهلة لأبناء أبي جهل عصابة بوكو حرام.