السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عبقرية الرئيس فوق منصة الكاتدرائية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ومضة جمال مشعة بالجلال ... جعلت الواجب الوطني قبل الأمن الشخصي ... لم تستطع الكاتدرائية أن تتحمل عظمة المشهد ولا تاريخية الصورة ولا فجائية الحدث ولا حجم الإنسانية المنسابة بجوار هيبة الترانيم التي تحتفل بالمسيح كلمة الله ورحمته إلى أهل الأرض ... الآن يتعانق المشهدان ...!!
يملأ الصورة السيسي الرئيس الذي جعل من يوم الميلاد عيدا للوحدة الوطنية ... وأسس في قاموس سياستنا الداخلية نهجا أصيلا لبناء الدولة المدنية التي جعل عنوانها الانتماء للوطن ... المصريين وبس ... بتأصيل مثل هذا الانتماء يكون الرئيس قد صوب آخر سهامه في خاصرة الفكر الطائفي البغيض الذي تسهر على تدنيس الحياة به جماعات سلفيه تعيش على قمامة الكراهية والتمييز ونشر العنف والإجرام .. وهي أجواء لا تبني وطنا ... ولا تنشئ حضارة ... ويكفي أن تكون هي الأجواء التي وصل إليها محمد علي باشا عام 1805م فوجد أمة على مشارف الموت. 
فيحكي بعض مؤرخي الحملة الفرنسية التي غادرت مصر بنفس الحقبة الزمنية عن حالة الوطن وبيئته بما يجعلك تتصور كيف فعل فينا هذا الفكر الذي يكره الحياة ويميل إلى تعظيم الخمول والتخلف بعدما يطليه بنوع من القداسة الزائفة ... والله لا يرضى لعبادة حياة تميت القلوب وتمرض الأبدان فيصف أحدهم حال مصر بعد مضي أكثر من ألف عام وهي محكومة باسم الخلافة السلفية فيقول الميجور "ديتروا" ماذا عساك أن تجد عند دخولك القاهرة ؟ شوارع ضيقة قذرة غير مرصوفة ، وبيوتا مظلمة متداعية ، وأبنية عامة تبدو وكأنها السجون، وحوانيت أشبه بمرابط الخيل، وجوا عبقا بعطر التراب والقمامة ، وعميانا ، وعورا ، ورجالا ملتحين ، وأشخاصا يرتدون أسمالا ، محشورين فى الشوارع أو قاعدين يدخنون قصبانهم كالقردة أمام مدخل كهفهم ، ونساء قليلات منكرات الصورة ، مقززات ، يخفين وجوههن العجفاء وراء خرق نتنة ، ويبدين صدورهن المتهدلة من أرديتهن الممزقة ، وأطفالا صفر الوجوه ، رقاق الأجساد ، ينتشر الصديد على جلدهم، وينهشهم الذباب، ورائحة كريهة منبعثة من الأوساخ داخل البيوت، ومن التراب فى الهواء، ومن قلى الطعام بزيت ردئ فى الأسواق عديمة التهوية .....! مصر هذه ينبغي أن نسدل عليها الستار.
ونبدأ فورا بتأسيس وطن حديث بالتلاحم والوحدة وتأصيل قيم التعايش والتراحم كأساس لأي نهضة ... لقد كان ذهاب الرئيس إلى الكاتدرائية مبادرة تاريخية من نوع أنها الأولى لرئيس مصري بتاريخ الجمهورية كله .... وأنها المرة الأولى أيضا التي يقف فيها رئيس مصري تقطع لأجله الترانيم فوق المنصة كي يلقي كلمة التهنئة لشعبه المصري المحتفل بميلاد المسيح في الكاتدرائية وخارجها ... الرئيس الذي قبل أيام من وقفته تلك كان هناك بين علماء الأزهر وأمته المصرية محتفلا بميلاد النبي محمد ... هو نفسه الواقف اليوم بين رجال الكنيسة المصرية محتفلا مع شعبه بميلاد المسيح المبارك ... ليردد في الجموع ... إحنا المصريين ... علينا أن نعلم العالم من جديد الإنسانية والحضارة هو يعلم يقينا ... أنه لا نهضة بلا إنسانية .... ولا تقدم وإبداع بلا إنسانية ..... ولا قيمة لعلم ولا فكر بلا إنسانية .... لا فائدة من مدرسة ولا جامعة بلا إنسانية .... لا نفع بحقل أو مصنع بلا إنسانية ...
فالإنسانية خلق جامع للقيم وفيها وحددها ... وحولها وحدها تعيش كل الأديان والمذاهب والملل ... وهل دين الله إلى الحياة إلا إنسانية ....؟ أراد الرئيس ... أن يتفقد الناس أحوالهم ... فمن فقد إنسانيتة لحساب القتل والإرهاب فقد جنسيته وديانته ... ومن فقد إنسانيته لحساب الرشوة والمحسوبية فقد وطنه وتدينه... ومن فقد إنسانيته فقد انتماءه.... فالإنسانية التي جاء الرئيس ليحييها بين شعبه هي أساس متين في جدار البناء الوطني السليم .... الإنسانية هي قيم التعايش والاحترام المتبادل وتجويد العمل والصدق في الخفاء والعلن .. الإنسانية أن تعرف أن كل الدم حرام ... دم البشر ودم الوطن .. الإنساني هي أن تعطي لغيرك ما تحب أن يكون لنفسك..... الإنسانية أن تقول للناس حسنا ... وهل قال الله سبحانه لعباده إلا ذلك ...؟
لقد بدأ بهذا اليوم الرئيس ثورته الإنسانية على الإرهاب والجمود والتقليد والتخلف .... ثورة حقيقية في مواجهة الغلاة والدعاة إلى النار من حزب الدواعش الذين يقتلون ويذبحون ويفجرون كذبا وزورا باسم دين رحمن رحيم ....! وعلى الشعب اليوم أن يتحد خلف الرئيس في ثورته ... ويكون حربته في معركته الطويلة مع قوى الضلال التي تكذب باسم الوطن والحرية والدين ... بعدما أصبح الكذب لديها حقلا ممتدا لا تمل من حرثه وإعادة زراعته ... لقد جئت مصر على قدر يا سيسي ... فهنيئا لمصر وهنيئا للمصريين.