الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

هنيئًا يا مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


عندما توجه له محرر “,”الواشنطن بوست“,” بالسؤال قائلا: بالنسبة للكثيرين من المصريين أنت بطل، فهل سترشِّح لانتخابات الرئاسة؟ لم يتوقف الفريق السيسي عند جوهر السؤال، وهو الترشح للرئاسة من عدمه، لكنه توقف عند كلمة “,”بطل“,” وأجاب: “,”لستُ بطلا، بل مجرد رجل يحب بلده وشعبه وشعرت بالحزن لأن المصريين تم التعامل معهم بهذه الطريقة، البسطاء كانوا يبكون في منازلهم، فالبطولة تأتي من المشاعر المشتركة، حيث إن ما جرى لم يكن ملحمة“,”.
وينقل هو الحوار بإجابته تلك إلى منعطفات أخرى، وتتلاحق الأسئلة، ويتولد عن كل سؤال سؤال جديد. لكن الصحفي لم ينسَ السؤال المحوري فيعيد السؤال قائلا: ولكن هل ستترشّح؟ فيجيبه الفريق السيسي: “,”أنتم فقط لا تصدقون أن هناك أشخاصا لا يسعون للسلطة“,”.
ولـتأكيد الإجابة يسأله الصحفي الأمريكي: هل هذا الشخص هو أنت؟ فيجيبه الفريق باختصار شديد: “,”نعم“,”.
هذا الجزء المستقطع من الحوار ليس مجرد كلمات جاءت في سياق حوار صحفي بين محرر جريدة أمريكية مع أهم شخصية الآن في مصر (الفريق أول عبد الفتاح السيسي) لكنها وعند التأمل والتدقيق في كل حرف فيها تبدو كالمجهر يقترب بشدة ويخترق عقل هذا الرجل ذو الخبرة المخابراتية العالية، وهى أيضا مجهر يكشف عما في داخل وجدانه الإنساني، ومجهر يفحص ويحلل التركيبة الشخصية لهذا الرجل العسكري قليل الكلام.
“,”لست بطلا..“,” كانت هذه إجابته أمام وصف “,”البطل“,” الذي وضعه المحرر في سياق سؤاله كطُعم يداعب في العادة الغرور الإنساني لدى معظم البشر لكن الطُّعم لم يخترق منطقة الغرور لدى الفريق السيسي، بل جاءت الإجابة بسيطة في كلماتها عميقة في دلالتها “,”أنا مجرد رجل يحب بلده وشعبه ويحزن لمعاناة أهل بلده..“,” نافيا صفة الملحمة عما حدث.
ثم أعطى معنى جديدا للبطولة حيث هي “,”نتاج للمشاعر المشتركة..“,”. نحن أمام رجل يملك وعيا فلسفيا وقدرة أدبية لغوية تذكّرنا بفلسفة وقدرة أدبية لغوية امتلكها حاكم (عسكري) حكم مصر هو الزعيم جمال عبد الناصر.
“,”أنتم فقط لا تصدقون أن هناك أشخاصا لا يسعون للسلطة“,”. كانت إجابته على تكرار المحرر السؤال للمرة الثانية، وهى إجابة مختصرة الكلمات لكنها حازمة وثاقبة، إجابة محمّلة بدرس وطني وأخلاقي وكأن لسان حاله يقول: أنتم لا تعرفون أن هناك ما يسمى العطاء الوطني يبذل فيه كل الغالي دون انتظار لمكسب أو مطمع شخصي حتى لو كان السلطة.
وبلاحقه الصحفي المحترف بسؤاله الملحّ: وهل هذا الشخص هو أنت؟ فيجيبه: “,”نعم“,”، لكنه لا يتركه ينعم بالإجابة، فواصل بعقلية رجل المخابرات إجابته المتضمّنة رسالة واضحة إلى أمريكا “,”.. فآمال الشعب هي أملنا، والأهم لي هو أن أحظى بحب الناس، هؤلاء الناس عانَوا وتألموا كثيرا، وأنا الأكثر إدراكا لحجم المشكلات في مصر، ولذلك أسأل: أين دعمكم؟“,”.
“,”أين دعمكم؟“,” هي رسالة واضحة أرفقها بإجابته.. رسالة يضعها ليس فقط أمام الإدارة الأمريكية، ولكنه يضعها أمام الشعب الأمريكي الذي يأتي كل رئيس أمريكي بأصواته هو وليس بأي وسيلة أخرى.. أين دعمكم لمصر يا من تتدخلون في شؤون مصر، وبأي حق تعطون لأنفسكم هذه الصلاحية في التدخل؟! وهو أيضا يضع ذات الرسالة أمام كل شعوب العالم المتجهة الآن أنظاره إلى مصر في المقام الأول.
إنه رجل يعرف تماما ماذا يقول وكيف يقول ومتى يقول. إنه النقيض تماما لرئيس معزول حكمنا في غفلة من الزمن وفي فترة حالكة السواد كان كل ما يخرج عنه إهانة ومهانة لمصر العظيمة القامة والمقام.
إنه رجل يذكّرنا بزعيم سابق حكم مصر هو جمال عبد الناصر، كان يقف وقفة الند للند شامخا منتصبا قويا، رجل قالها مدويّة “,”طظ“,” في المعونة الأمريكية، إذا كان الثمن هو كرامة مصر ومهانة شعب مصر.
“,”طظ“,”.. قالها عبد الناصر هكذا آنذاك. وقالها السيسي اليوم بطريقته، لكن المحصلة واحدة، والرسالة هي نفس الرسالة.
الرسالة تقول: إن مصر ما عادت كما كانت منذ سنوات، مصر الخانعة الخاضعة، لم تعد أبدا مصر المنفّذة لتعليمات وقرارات حتى لو كانت ضد مصلحة الوطن وشعبه.
الرسالة تقول: إن مصر وإن كانت تسمح بزيارات لرئيس معزول محبوس، ولقيادات إخوانية ذات تاريخ إرهابي محبوسة على ذمة التحقيقات، وإذا كانت تسمح بتعليقات هي هراء من (ماكين ومن هم على شاكلته) وتوصيفاته الخائبة لإرادة شعبية كاسحة وهائلة تخرق عين الشمس، خرجت في الثلاثين من يونيو وترجمها السيسي قرارا نافذا في الثالث من يوليو بعزل ذلك (المرسي).. رسالة تؤكد أن مصر في كل ما وافقت على حدوثه من زيارات وتفتيشات ومؤتمرات صحفية وتعليقات خائبة من مسؤولين، وافقت عليه من منطلق الكبير العظيم الذي لا يهمه أن يطلع الجميع على تفاصيل أموره، فليس لديها ما يجب إخفاؤه، وأن مصر وهى توافق وتسمح فإنها تقول بكل القوة “,”إنكم لا تملكون الحق في أن تأتوا وتفتشوا وتسألوا وتطالبوا فأنتم لم تدعمونا، بل إنكم دعمتم تيارا كنتم تصفونه في السابق بالإرهابي، ثم أصبحتم معه حلفاء، تيار إرهابي دعمتموه ليسرق ثورة شعبية لم يشارك فيها ونسبها إليه زورا وبهتانا، ثم دعمتموه بشدة وصلت إلى درجة التهديد الوقح لكي يأتي منه رئيس يحكم مصر رغم علمكم أنه لم يكن أبدا بالفائز حسب أصوات الصناديق.. ولكنكم أردتم لمصر وبإصرار رئيسا تابعا لكم، آتيا من جماعة لا ولاء لها أبدا لمصر حتى ترتدّ بمصر إلى الوراء عشرات بل مئات السنين فلا تكون لمصر قائمة في وطن عربي هو في مسيس الحاجة لريادتها وقيادتها والاستقواء بها“,”.
** كانت هذه هي رسالة مصر التي ترجمها الفريق السيسي على طريقته وبأسلوبه، وأرسلها إلى الأمريكان وإلى العالم أجمع.
وإذا بنا من جديد وبعد سنوات طوال من رحيل جمال عبد الناصر تعود إلينا مصر قوية متحررة الإرادة تقول “,”طظ“,” للمعونة وللقروض المشروطة ببيع الكرامة، وتقول لا للتدخل في شؤوننا الداخلية بشكل صفيق، وتقول إن البطولة هي المشاركة في المشاعر والمعاناة، وأن حب الوطن هو الأول ويجبّ كل ما عداه.
** فاهنئي يا مصر بعهد جديد ستكونين فيه كما كنتِ في زمن العزة والكرامة، الرائدة والقائدة والبلد الأم الحاضن لوطن عربي واحد ينتظر منك الكثير.
** وتحية وحب وتقدير اليك (الفريق أول عبد الفتاح السيسي) ايها المصري المخلص لبلدك.. تحية حب إليك يا ابن جيش مصر العظيم، ومرحبا بك يا ابن جيش مصر البطل الذي تنتظر منه مصر وشعبها الكثير.