الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ما بين ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل تعتبر ثورة 30 يونيو 2013 هي مجرد استكمال لثورة 25 يناير2011 أم أنها ثورة جديدة؟، بمعنى أوضح هل هي الموجة الثانية من الثورة بعد اختطاف الإخوان للثورة الأصلية وتحويل مسارها إلى جهة أخرى أم ثورة جديدة لها خصائصها المختلفة؟.
أغلب الآراء تميل إلى اعتبار 30 يونيو موجة جديدة استكملت بها ثورة 25 يناير أهدافها المرحلية، موجة أسقطت مبارك والموجة الثانية أسقطت مرسي، وربما هناك موجات أخرى في الطريق وفقا للعقبات التي قد تواجه أهداف الثورة.
فى تقديري الشخصي أن ثورة 30 يونيو هي ثورة ثانية مختلفة عن ثورة 25 يناير من حيث الخصائص والدوافع والعوامل المحركة:
أولا: ثورة 25 يناير كانت ضد الاستبداد السياسي وفساد حكم الشلة التي لا يجمع بينها رابط سوى اقتسام كعكة الفساد والسلطة، أما ثورة 30 يونيو فهي ضد الاستبداد الديني وفساد الأهل والعشيرة ومحاولة مجموعة تشكل أقل من 1% الاستئثار بمعظم الكعكة، وإعطاء الفتات لـ99% من الشعب، وهو سلوك أقرب إلى ما حدث، فيما سمي بالفتنة الكبرى في عهد الخليفة الثالث عثمان عما حدث في عهد مبارك.
ثانيا:25 يناير كان خاتمة لتمهيد طويل من حركات الاحتجاج ضد مبارك شاركت فيه دول تشجيعا وتمويلا، فأمريكا وقطر وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحماس وبدرجة أقل إيران، كلها كانت جهات فاعلة ومؤثرة فيما حدث في 25 يناير 2011، فلم يكن حراك 25 يناير شعبيا عفويا تلقائيا بل أسهمت في صنعه وترويجه جهات عالمية بالتعاون والتنسيق مع تنظيمات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان، وقد قال مبارك لحسام بدراوي أن أمريكا كانت تخطط منذ عام 2005 لنقل الحكم للاخوان، والحقيقة أن المتابع لسلوك أمريكا تجاه المنطقة بعد 11 سبتمر 2001 يجده ينقسم إلى مرحلتين، مرحلة تتعلق بنشر الديموقراطية فى الشرق الأوسط واستمرت من 2002-2005 وفشلت، والمرحلة الثانية منذ 2005 وحتى الآن وركزت على استيعاب الإسلاميين فى بلدانهم من خلال مشاركتهم فى الحكم والعملية السياسية.صحيح أن حجم ما حدث فى 25 يناير وما تلاه كان مفاجئا لكل المشاركين فى اعداد المسرح لما بعد مبارك ، ولكن هذا لا ينفي التخطيط والاعداد الطويل لإزاحة مبارك.
ثالثا: ما حدث في 25 يناير سبقه درجة كبيرة من الخداع من الاخوان وحلفاءهم، فمجموعات تتحدث عن استقلال القضاء وهى فى الواقع مجموعات اخوانية ثبت فيما بعد أنها ألد أعداء القضاء، ومجموعات من النشطاء مثل 6 ابريل وغيرها ثبت أنها مخترقة حتى النخاع من الاخوان، وشخصيات ظهرت فجأة وبطريقة مريبة مثل وائل غنيم اتضح فيما بعد أنها جزء من المخطط الأخوانى الأمريكى للاطاحة بمبارك، حتى صفحة خالد سعيد التى كانت تتباكى على كرامة المصريين اتضح أن المسئولين عنها من الاخوان غرضهم تنمية السخط على نظام مبارك، وقس على ذلك عشرات الامور الخادعة التى تدعى الليبرالية والحرص على الديموقراطية والحريات وكرامة المصريين ولكنها كانت فى الواقع تسعى لتمكين الاخوان من الاستيلاء على الحكم. على العكس من ذلك ثورة 30 يونيو، فكل من انخرط فيها جاء بوضوح بناء على رفضه لمشروع أخونة مصر وتغيير هويتها وتحويلها إلى دولة دينية فاشلة تسيطر فيها أقلية ايدولوجية على الشعب كله، ولم تمول من دولة أو جهة.
رابعا:فى 25 يناير ثار الناس ضد رئيس ينتمى للمؤسسة العسكرية، والمؤسسة العسكرية نفسها وجدت أن الشعب على حق فلم تواجه المتظاهرين حماية لأحد ابناءها،أما فى 30 يونيو، فالرئيس ينتمى إلى مجموعة دينية ترفض تماما الاستماع لمنطق الشعب صاحب السيادة ولصوت الشعب، هي ترى الحكم غنيمة والغنيمة لا يتم التنازل عنها، ولهذا وصف الكثيرين حكم الإسلاميين بالاحتلال،لأنهم يرون أنفسهم الاحق والموكلين من قبل الله لإدارة البلاد والعباد،وأنهم انتظروا 85 عاما لهذه اللحظة ومن ثم لن يتنازلوا عنها حتى ولو ثار كل الشعب عليهم.
خامسا: ثبت أن الكثير من العنف الذى مورس فى 25 يناير وما بعده كان من تدبير جماعة الاخوان لتسريع سقوط مبارك بنسبة هذا العنف لنظامه، ولم تمارس الجماعات المؤيدة لمبارك العنف بعد سقوطه، ولكن بعد سقوط مرسي بدأ اتباعه على الفور فى ممارسة العنف بدرجات مختلفة ضد باقى فئات الشعب انتقاما لسقوط رئيسهم، وكل السيناريوهات مفتوحة، ولهذا استغرب ممن يتحدثون عن الاخوان كفصيل وطني لا بد من مشاركته في صنع مستقبل مصر بعد مرسى. الاخوان جزء من المشكلة ولن يكونوا جزءا من الحل ابدا. نعم هم مصريون يشاركون بصفتهم الوطنية أما صفتهم الدينية كتنظيم فلا مجال لها فى دولة حديثة، وإلا فأن مصر لن تخطوا خطوة واحدة نحو المستقبل في ظل هذا الخلط بين الحقوق الوطنية للأفراد وبين السماح لمجموعات كل هدفها تدمير هذه الحقوق الفردية لصالح مجموعة دينية ايدولوجية.
سادسا: ثورة 25 يناير كانت ضد نظام حكم الفرد المستبد الذى يحتمي بأجهزة أمنية تحمي حكمه، أما ثورة 30 يونيو فهى ضد جماعة دينية فاشية تستقوي بعشيرتها وبتمددها الدولى وبحلفاءها الدوليين. في الثورة الأولى كان المصريون يعملون على اسقاط حكم الفرد لصالح نظام ديموقراطي حر ولكن جزء من المصريين كان يخطط لمجرد استبدال حكم هذا الفرد بحكم الجماعة ، ولهذا لم يلتفتوا نهائيا للشعب بعد مجيئهم وأنما كان كل همهم تمكين الجماعة وفقا لمخططهم القديم.
والخلاصة أن ثورة 25 يناير كانت ضد فرد اخطأ وتبلدت احساسيه فى فهم طلبات شعبه، أما ثورة 30 يونيو فكانت ضد احتلال اخطبوطي متعدد الأبعاد المحلية والدولية، ولهذا يمكن وصف ما حدث يوم 30 يونيو بأنه معجزة بكل المقاييس، وتبقى المعجزة الأكبر وهي الانطلاق للمستقبل على أسس وقواعد صحيحة لتعويض أربعة عقود من امساك العصا من المنتصف مع هذه الجماعات الدينية أو المنافسة والمزايدة الدينية معها حتى تم تدمير روح الدولة المدنية المصرية، وبدون التخلص من هذا الارث الثقيل لن تنطلق مصر إلى المستقبل وأنما ستظل تدور في حلقة مفرغة كما كان الوضع فى عهد السادات ومبارك أو تعود بسرعة للوراء كما حدث في عهد مرسى القصير.