الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سرطان الإرهاب وخيبة الببلاوي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان بوسع المصريين تفهّم استمرار بقاء بؤرتي الإرهاب في إشارة رابعة وميدان النهضة في ظل ما أعلنه المتحدث العسكري بشأن أن التفويض الذي منحته الملايين للجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب لم يكن مشروطًا بوقت محدد، وأن للأجهزة الأمنية حساباتها المعقدة من أجل تقليل حجم الخسائر قدر الإمكان.
وكان سيصبح الصبر سلاحهم في مواجهة أعمال الإرهاب والتخريب والترويع التي تقوم بها عصابة الخائن مرسي العياط لا لشيء إلا للثقة غير المحدودة التي وضعها ملايين المصريين في القائد العام لقلوبهم الفريق أول عبد الفتاح السيسي.
لكن أداء حكومة د.حازم الببلاوي المتجاهل قطعًا إرادة المصريين، هو ما جعلهم يبدون متعجلين، فقد خيّب الببلاوي وأعضاء حكومته الانتقالية آمال الجميع في قدرته على إدارة تلك المشكلة التي بدأت بسيطة في إشارة رابعة العدوية.
قبل الثلاثين من يونيو بأشهر معدودة كان الحديث مقبولًا عن وجود استقطاب سياسي حاد بين طرفين، ومع استمرار فشل مرسي وتابعه قنديل في إدارة شئون البلاد وتورطه في مزيد من جرائم الخيانة والعمالة كانت مصطلحات الأزمة وربما الكارثة هي الأنسب عند توصيف الحالة المصرية.
لكن ثورة 30 يونيو حسمت ذلك الوضع المضطرب الذي كان قائمًا على وجود طرفين، أحدهما في المعارضة الحزبية واللا حزبية، والآخر في سدة الحكم.
لم يعد هناك طرفان، إنه الشعب وحده الذي يحكم منذ تلك اللحظة، ولأن مرسي وجماعته ارتكبوا جرائم الخيانة العظمى بالتخابر مع سيدتهم القطرية والولايات المتحدة، بل وبطلب التدخل الأجنبي العسكري لم يعد لهم مكان خارج السجون بل وربما ستلاحق المشنقة رقاب بعضهم.
ومنذ ما يزيد على شهر كامل تُمارس غالبية قادة الجماعة وأذنابها أعمال القتل والترويع والتعذيب، بل وتديرها في سيناء وشوارع القاهرة وبعض المحافظات، وهو ما يعني أيضًا أنه لا وجود سياسي لهذه الجماعة، ومن ثَم لم يعد المشهد المصري يعاني من أزمة في داخله أو بين أطرافه، ذلك أن الأزمة تنشأ لوجود خلاف بين قوى يجمعها الإخلاص والوطنية والشرف، ولأنها تستظل بتلك القيم فلا سبيل لحل الأزمة بينهم سوى الحوار والتفاوض، أما مَن قتل وأرهب وخان بلعب دور أقذر داعرة في بيوت المخابرات الأمريكية والأوروبية “,”أقصد بالطبع قادة جماعة الإخوان“,”، فقد خرج من المشهد ولم يعد طرفًا فيه، فليس مكان للعاهرة بين الشرفاء.
لذلك نحن لسنا بصدد أزمة، إنما بصدد مواجهة مشكلة بدأت بسيطة، لولا أن أداء الببلاوي وحكومته وأولئك المتشدقين بعبارات المصالحة والتعايش قد حوّلها إلى مواجهة مع مشكلة كبيرة تكاد تصبح سرطانًا يفتك بجسد الوطن.
أن يفتح الببلاوي ومعه د.محمد البرادعي الباب على مصراعيه لمبعوثي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للقاء متهمين في جرائم هددت الأمن القومي داخل محبسهم عمل على أن يبدو المشهد وكأننا بصدد رأسين أحدهما في السلطة والآخر في المعارضة، ليس ذلك فقط فكثرة الزيارات وآخرها قام بها مساعد وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز، ومبعوث الاتحاد الأوروبي ووزيرا خارجية قطر والإمارات لخيرت الشاطر رأس الأفعى، أعطت انطباعًا أن لهذه الجماعة الخائنة وزنًا سياسيًّا ما يسمح للشاطر أن يرفض الحوار والتفاوض، مؤكدًا أن مَن بيده الأمر هو الرئيس محمد مرسي كما قال لزواره.
وطالما أننا بصدد رأس آخر في المعارضة له هذا الوزن السياسي نصبح بصدد أزمة داخلية يمضي بها الغربيون في ما يبدو نحو التدويل.
صحيح أن مصر دولة كبيرة وتستحق أن يهتم بها الجميع، لكن هذا الاهتمام ليس حرصًا على بقاء مصالح في ظل مصر المستقرة، إنما من أجل تحقيق مصالح جديدة مع مصر مضطربة وممزقة.
لقد خلق الببلاوي لهذه الجماعة الخائنة وزنًا وقيمة، واستمرار هذه المهزلة سيساعد على تحقيق الهدف الأمريكي الإخواني، وهو استمرار بقاء جماعة الإخوان ككيان سياسي وإدخالهم كشريك أصيل في خارطة الطريق، وهذا ما رفضه المصريون وأثبت الإخوان أنهم غير جديرين به.

فلا مكان لهذه الجماعة وليس أقل من حلها وذراعها السياسية الحرية والعدالة وكل الأحزاب القائمة على أساس ديني لا سيما تلك التي لها أذرع مسلحة كالجماعة الإسلامية.
طبقًا للقانون العادي وبعيدًا عن أجواء الثورة يجب حل الجماعة وحزبها لأن مقراتها استخدمت كمخازن للأسلحة وأطلق من نوافذها الرصاص على المتظاهرين السلميين، وحتى لو لم ترتكب هذه الجريمة فيكفي أن قادتها خانوا الوطن وباعوه بأبخس الأثمان ولنتذكر أن الحزب الوطني الديمقراطي المنحل لم يرتكب واحدة من جرائمها ولم تحم حوله مجرد شبهات الخيانة والعمالة ومع ذلك صدر قرار بحله.
ليعد إذن الحزب الوطني بكل مؤسساته وهياكله لو وافقنا على استمرار وجود أي كيان أو نشاط سياسي لجماعة الإخوان.
ومع ذلك نجد أصواتًا ممن نادت بعزل أعضاء الحزب الوطني، مثل الناشط عمرو حمزاوي، يطالبون اليوم بعدم إقصاء جماعة الخونة وإشراكها في العملية السياسية، أليست هذه هي الأصابع الخارجية، حسب تعبير الخائن مرسي؟!
هذه المرة الأصابع أمريكية، فكل مَن يرددون شعارات عدم إقصاء جماعة الخونة والمصالحة الوطنية من أصدقاء أمريكا، مثل حمزاوي وأحمد ماهر مؤسس 6 أبريل، ومعهم بعض الصحفيين والكتاب الذين تقاضوا رشاوى متعددة الصور دفعتها لهم دويلة قطر.
إن هذا الأداء المرتبك والعشوائي والمتجاهل إرادة الشعب “,”أقوى ورقة ضغط ممكن أن تكون بين يدي نظام حكم“,”، يضعف الثقة ليس فقط في حكومة حازم الببلاوي وإنما في خبرة السياسيين من غير ذوي الخلفية العسكرية ويجعلهم إما في موضع الفاشل وإما في موضع المتآمر ويدفع المصريين ليصوتوا في الانتخابات الرئاسية القادمة لأي مرشح له خلفية عسكرية حتى لو لم يكن الفريق أول عبد الفتاح السيسي.