رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كاترين صبحي .. أرقدي في سلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثلاثة أعيرة نارية أودت بحياة الفتاة المصرية كاترين مجدي صبحي، بعد أن سبقها والديها الدكتور مجدي صبحي والدكتورة سحر طلعت مقتولين على الأراضي الليبية، هكذا وبالرصاص تنتهي حياة أسرة مصرية بسيطة مسالمة، لم ترتكب جرماً إلا علاج المرضى في ليبيا وتخفيف آلامهم.
كاترين التي تم اختطافها بعد مقتل والديها هناك، واجهت وحدها البنادق واللحى والرعب لتنتهي حياتها مثقوبة بالرصاص الذي انطلق من مسافة قريبة وكأن القتلة ينفذون حكماً بالإعدام، رصاصة في الأذن تخرج من الأذن الأخرى ورصاصة في الصدر تخرج من ظهرها ورصاصة تستقر في الدماغ، كل هذا العذاب تتحمله فتاة الستة عشر عاماً التي بلا شك كانت تحلم مع الموسيقى والأغاني بمستقبل وأفراح وسلام على الأرض.
أوجعت قلوبنا كاترين، كما أوجعتنا الفتاة المسلمة التي اغتيلت في ألمانيا منذ سنوات بأيدي متطرفة، ولكن الفارق الآن بين فتاة ليبيا وفتاة المانيا هو أن كاترين تم التعامل مع مقتلها ببرود شعبي ورسمي حتى أن الجهلاء منا قالوا "أيه اللى وداهم هناك"، لذا أقدم اعتذاري لتلك الدماء البريئة التي سالت في ليبيا وتمددت حتى غطت الدلتا وصبغت نهر النيل، لتقول لنا كم نحن طائفيون ليس في مبادئنا فقط ولكن في مشاعرنا أيضاً.
وزارة الخارجية المصرية تابعت الجريمة التي ارتكبها جماعة أنصار الشريعة بليبيا ببرود لا يليق ، فالأسرة المسيحية التي قتلت هناك يا معالي الوزير لم يصدمها إتوبيس طائش، ولكن اغتالتها يد التطرف الساكن على حدودنا الشرقية، ومن حقنا كدولة وشعب أن نثأر لإبنتنا ونحمي بلادنا ونصون كرامتنا بردع تلك العصابات الإجرامية التي تهين الدين برصاصات الغدر، من حقنا أن ننتفض كشعب دفاعاً عن حدودنا التي يسكنها الإرهاب منتظراً لحظة العبور داخل بلادنا ليعم فيها الفوضى والتخريب.
كاترين مجدي صبحي، أيقونة الغربة وشهيدة الإرهاب ستظل جرحاً نازفاً في جسد الوطن، وستظل عنوانا للعجز والهوان الرسمي، وبصراحة شديدة أرى أن الدماء اذا سالت لا يمكن اسكاتها بمشروعات الدولة في الإسكان وفي قناة السويس، خاصة تلك الدماء التي تسيل بفعل التطرف والإرهاب فما بالنا بمن دفعوا حياتهم وهم مغتربون عن الوطن.
وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة إعلان الدولة المصرية عن خطة واضحة لعودة أبنائها المغتربين ليساهموا في بناء الوطن من الداخل، فليس كل مسافر سعيد بغربته ، وليس كل مسافر عديم الموهبة أو الصنعة، ملايين المغتربين مرغمون، ولو وجدوا ببلادهم ربع فرصة الغربة سيعودون بحماسة وسعادة، كاترين تدق ناقوس الخطر وأقل تكريم لها هو أن تطلق الدولة تلك المبادرة وهي عودة الطيور المهاجرة، لنتعامل مع القوي البشرية كثروة حقيقة مضافة للناتج القومي، لنتعامل مع أبناء مصر بحجم ووزن مصر التاريخي والمعرفي، لتنتهي رحلة الإغتراب والموت والعودة للبلاد في صناديق للدفن.
كاترين صبحي نموذج مركب، دعونا نستلهم منها حرباً حقيقية ضد الإرهاب وخطة واضحة لحماية حدودنا الشرقية وأمننا القومي وأن نكرمها بأنها كانت سبباً في التفات الدولة للمغتربين الذين تستخدمهم بعض الدول كأسرى حرب للضغط على مصر، هذه رسالة واضحة لو كنتم تعلمون.